التنمر أصبح ظاهرة معروفة ومكشوفة للجميع؛ وأشهر أنواعه ما يمارس في المدارس. إلا أن التنمر غير المباشر لا زال ضبابياً.. وربما يمارسه البعض دون معرفتهم أنهم يمارسون (التنمر). على سبيل المثال: الاستهزاء والسخرية من ثقافة شخص أو مستواه الاجتماعي أو معتقداته.. يعتبر تنمراً، رفض جلوس شخص ما في مكان محدد أو رفض مشاركته في نشاط جماعي، يعتبر تنمراً، إطلاق الشائعات أو تشويه سمعة شخص ما.. يعتبر تنمراً.. العدوان الاجتماعي هو أحد الأشكال الفاضحة للتنمر غير المباشر. كأن يتم ممارسة العزل الاجتماعي ضد شخص ما، أو التحريض على رفض الاختلاط به، أو انتقاد سلوكياته بالغيبة والنميمة.. حتى ترويع الآخر – وإن كان على سبيل المزاح – يدخل في باب التنمر؛ وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ترويع الآخر حتى من باب الفكاهة: (مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ – أي: وَجَّهَ نحوه سلاحاً مازحاً أو جاداً – فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ) أخرجه مُسلم. التهجم بالدعاء على الآخر، أو التشمت فيه – حياً أو ميتاً –، أو رميه بالألفاظ غير الحسنة.. يعتبر تنمراً.. إرضاخ الآخرين بالقوة وتخويفهم بشكل مباشر أو غير مباشر.. ومعاملتهم باستعلاء وغطرسة.. يعتبر تنمراً.. انتهاك الجار لمساحات حول منزله دون موافقة جيرانه.. يعتبر تنمراً. تعامل المدير مع مرؤوسيه بفوقية وتعطيل مستحقاتهم وتأخير حصولهم على حقوقهم النظامية.. يعتبر تنمراً.. أيضاً، تشير الدراسات إلى أن: (مجادلة الآخر حتى يستسلم) يعتبر من التنمر غير المباشر. التحرش الجنسي، التمييز العنصري، التسلُّط الإلكتروني.. كل أولئك من التنمر.. وإن بدا أنه غير ذلك. التنمر غير المباشر يعتبر أكثر تعقيداً من التنمر المباشر. فالأخير يمكن التعامل معه بالأنظمة والقوانين واللوائح.. أما غير المباشر فيعتمد على التربية والأخلاق الحسنة.. تلك التي يقول صلى الله عليه وسلم إنها أكثر ما يدخل الناس الجنة. التركيز على التنمر المباشر فقط وتوعية المجتمع به ومكافحته.. أشبه بالسير لنصف المسافة.. النصف الآخر هو توعية المجتمع بالتنمر غير المباشر. فضحاياه يتعرضون أيضاً للإزعاج النفسي والاضطراب.. مما ينشر الإحباط والاكتئاب وانخفاض مستوى الروح المعنوية في المجتمع. ظاهرة التنمر غير المباشر منتشرة كالديدان تحت تربة المجتمع.. تُمارس على مدار الساعة.. ويجب أن يعرف ممارسوها أنهم سيئو الخلق.. وأنهم ليسوا الأفضل.. بل العكس. يقول صلى الله عليه وسلم: (إنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقاً). * كاتب سعودي [email protected]