تمضي الحياة ويتنقل فيها الإنسان بعدة مراحل، من الطفولة إلى مرحلة الشباب والاستقلال الذاتي، فيدرس ويبحث عن عمل يشغله ويفيده ويطور من ذاته. وبما أن الشيء بالشيء يذكر، كنت قد قرأت عن أغرب الوظائف حول العالم، وبدر في ذهني سؤال، كيف يتقبل بعض الناس مثل تلك الوظائف الغريبة، ولكن بالطبع لكل إنسان ميوله وظروفه واهتماماته. وأبشركم قرأت عن وظيفة عجيبة مسماها (المُتعاطف)، وهو شخص يمكن أن يجلس معك ويستمع إليك بإنصات، ما إن تبدأ (بفرط السُبحة) وسرد ما لديك من مشاكل وبلاوٍ وهموم، وهو يتقبل حديثك و(غثاك) بصدرٍ رحب، بل ويطبطب عليك ويواسيك، وإذا ساءت حالتك وانهمرت دموعك يمسحها ويهديك (علبة كلينكس) مجانية. وأيضاً وجدت وظيفة أخرى تصيبك بالدوار والغثيان وهي (شمامين) رائحة الأفواه، فتلجأ معظم شركات تصنيع العلكة وأقراص النعناع ومعجون الأسنان وغسول الفم لموظف مختص ذي أنفٍ (مكعبر) يشم رائحة أفواه الموظفين لتقييم جودة وفعالية منتجاتهم. وإذا كان (ما لك خلق) هناك وظيفة مُراقب حوائط، وتعد هذه الوظيفة من أكثر الوظائف مللاً حول العالم، إذ تتعاقد شركات صناعة الطلاء مع أشخاص تتمثل وظيفتهم في مراقبة حوائط مطلية بطلاءات الشركة لملاحظة درجة جفاف الطلاء وتغير درجات لونه، وأهو (ظل حيطة ولا ظل راجل، مايل). أما الوظيفة الظريفة هي وظيفة (الحِنيّن)، وهو شخص يسأل عنك ويهتم بك ويزودك بالمحبة والحنان والعناق إذا كنت تشعر بالوحدة والفراغ العاطفي، فيملأ حياتك بجميع ما تحتاج إليه من مشاعر إنسانية. ولكن مع الأسف، إذا أخذكم الحماس للالتحاق بإحداها خصوصاً الوظيفة الأخيرة، فلا يوجد ولا وظيفة مما سبق ذكرها متوفرة لدينا، لكن لدينا مهنة لا تخفى عليكم وكلها (بسط وهز وسط) وأجرها يفوق متوسط رواتب حملة البكالوريوس والماجستير، اللهم لا حسد! وحتى لا يساء فهمي قد يكون كل (يغني على ليلاه) في مجاله، لكني أتمنى أن يُستمع لغناء العاطلين والعاطلات في مجتمعنا الذين بُحت أصواتهم وهم يطالبون بالحد من البطالة التي تكاد تقضي على أمنياتهم. وإلا سوف تكون نصيحتي لهم هي التدريب المتواصل والحرص على تمارين (الفوكاليز)، التي سوف تساعد على تحسين الصوت والأداء وبعدها اعقلوها وتوكلوا، كثر الله الأفراح والليالي الملاح وزل الطرب يا موجع الطار بالكف. وحتى لا أكون من زمرة الذين يأمرون الناس بالمعروف وينسون أنفسهم والعياذ بالله، أبشركم أني أخذت بنصيحتي وبدأت في تدريب (حبالي الصوتية) بدلاً عن الكتابية، التي لا تُسمن ولا تغني من جوع، وتعشمت أن يكون لي مستقبل مشرق وعظيم في هذا المجال، ولكني للأمانة ورحمةً بكم تراجعت حين اكتشفت أن قدراتي الغنائية على قدي، ورحم الله امرأ عرف قدر (صوته). وقبل أن أختم - على الطاري - عندما تكون لدينا مناسبة عائلية وتشتد (الطقطقة) على مصراعيها وتغني الطقاقة وتقول: (آل زامكه كلهم، لا فرق الله شملهم)، حينها يرتفع منسوب هرمون (الأدرينالين) عندي فأغمز لها، عشان تقول: يا زين ريهام بينهم. * كاتبة سعودية Twitter: @rzamka [email protected]