يمتلك بعض البشر إبداعاً خارقاً في إيجاد واختلاق (الخُرافات)، وهذه النوعية من البشر لديها إيمان مطلق ومُصدق بها، ولا يزال الكثير منهم واقعاً تحت تأثيرها على الرغم من التقدم العلمي والحضاري الذي نعيشه في وقتنا الحالي. ولمن لا يؤمن بتلك الادعاءات ولا يستوعبها ويتقبلها أقول الخُرافة هي الاعتقاد السائد أو الفكرة المبنية على مجرد تخيلات أو (خُزعبلات) أوجدوها أو توارثوها وتداولوها تاريخياً عبر الأجيال، وليس لها سبب منطقي ولا عقلاني قائم عن علم ودراية ومعرفة. وقد عرف الأديب والمؤرخ (ابن منظور) الخرافة في كتابه (لسان العرب) بأنها سُميت على اسم شخص، غاب عن قبيلته فترة من الزمن ثم عاد إليهم ليقول إن الجن قامت باختطافه وحكى لهم أعاجيب لا تصدق ولا يستوعبها عقل فكذبوه، ونسبت الخرافات لخُرافة (الخَراط) أو الهلاس ذو الخيال الواسع إن صح التعبير. ونحن بلا فخر لسنا بعيدين عن (خِراف) خُرافة، فخرافاتنا ما أكثرها، اللهم صلِّ على النبي، وحدث ولا حرج، فعلى سبيل المثال في أغلب المناطق العربية يكثر الاعتقاد بأن (الخرزة الزرقاء) تجلب الحظ وتمنع العين والحسد عن صاحبها، وأذكر قد ساورني الفضول أو ربما تأثرت (أيام الجاهلية) بهذه الخُرافة، فاشتريت وغلاوتكم عندي سلسال ذهب 24 قيراط، ومعه خرزة زرقاء كزرقة السماء بعد يومٍ ماطر، وأبشركم لبستها يومين وتفاءلت بها وبعدها سرقت السلسال خادمة كانت تعمل لدينا ومعه (روج أحمر) وبعضاً من (خلاقيني) الخاصة.. وبالطبع لا يخفاكم (الغُول) تلك الشخصية الخرافية المنتشرة قديماً في كل بيت، فقد كان (الطيبون) يستخدمون تلك الشخصية الوهمية ليخيفوا به الأطفال بشكله المُقرف والمُخيف ولون عينه الحمراء وشعره الأشعث وأسنانه المُرعبة. وتحضرني أيضاً خرافة طريفة تنتشر تحديداً في مصر، فلديهم طبخ الملوخية يرتبط (بشهقة) عند سكب الثوم عليها، ويجب على ربة المنزل أن تشهق وإلا تعرض طبختها للخراب! وبيني وبينكم عزمت ذات يوم، (شمرت) فيه عن أكمامي ودخلت إلى المطبخ و-نادراً ما أفعل- لأعد لأسرتي الحبيبة طبق مكرونة وبجانبه طبق (سالاد) وفي رواية عند ربعنا (زلطة). والبساط أحمدي وما أنتم أغراب، كنت قد (شهقت) من الصدمة، ويا كثر ما شهق أهل بيتي لأني لم أدخل يوماً إلى المطبخ وأخرج منه إلا بكارثة أو بطبق غير صالح للأكل (الآدمي). المُهم ما علينا -على الطاري- إذا أخذكم الحماس وأنتم على مائدة الإفطار ووقعت منكم (سمبوسة) أو قطعة بيتزا فلا تأكلوها، ففي خرافة أخرى كانوا يقولون (لحسها) الشيطان! كفاكم الله شر (أباليس) الإنس والجان، ثم يارب، في شهرك الفضيل هذا، من لا يكتب لي (خُرافة) تؤنسُني وتشرح خاطري (المشروخ) وتُبهجني، يطلع له (الغُول) قبل ما ينام. اللهم إنّي صايمة بس.. خِلص الكلام. * كاتبة سعودية Twitter: @rzamka [email protected]