مع انتهاء بطولة كأس العالم لكرة القدم 2018 في روسيا، يبدو أن ملف استضافة قطر للنسخة القادمة متخم بالفضائح والأسرار التي لم تتوقف عن الظهور منذ أن أعلن فوز الدوحة باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، في الحدث الأكثر غموضاً الذي ابتلع مسؤولين كبارا في «فيفا» وأسقطهم في قضايا فساد ورشوة. ورغم أن التسريبات التي نشرتها صحيفة «ذا صنداي تايمز» أخيراً عن كسر قطر قواعد «فيفا» عبر إجراءات وحملات مثيرة للجدل وغير أخلاقية، سعت لتشويه منافسيها في استضافة البطولة، إلا أنها لم تكن مفاجئة للوسط الرياضي، الذي لا يزال يرى أن مصير بطولة 2022 غامضاً حتى الآن. وبعد فضيحة شراء الأصوات التي هزت الملف القطري، أطلت فضيحة جديدة نشرتها الصحيفة البريطانية، إذ أكدت التسريبات القادمة من أحد أعضاء «فريق قطر المكلف بالملف»، دفع الفريق أموالاً طائلة لعناصر سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) وجهات علاقات عامة في الولاياتالمتحدة لنشر دعاية مضللة ونسج أكاذيب تستهدف ملفات دول منافسة مثل أسترالياوالولاياتالمتحدة، خلال حملة قطر لاستضافة مونديال 2022. وتُظهر التسريبات تورط الدوحة في تجنيد «نافذين» لمهاجمة ملفات بلدانهم، سعياً لخلق الانطباع بأنه «لا يوجد أي دعم» لكأس العالم محلياً، وفق الصحيفة البريطانية، في وقت يعتبر «فيفا» الدعم الشعبي لمواطني الدولة المستضيفة معياراً أساسياً لاستضافة المونديال. وتزيد التسريبات الأخيرة حالة الغموض المحيطة ببطولة كأس العالم 2022، في ظل تزايد الدعوات لسحب تنظيم البطولة، إضافة إلى فضائح الفساد التي ارتبطت بالملف القطري والمدعمة بالأدلة، التي أطاحت بمسؤولين في «فيفا»، وكان عرابها محمد بن همام. وتشير التسريبات إلى أن إحدى الرسائل الإلكترونية المسربة للصحيفة البريطانية كانت قد أرسلت إلى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لملف قطر، علي الذوادي، ما يضع الدوحة في موقف محرج كونها على علم بمخططات لنشر «سموم» ضد المرشحين الآخرين، حتى إنهم جهزوا قراراً للكونغرس الأمريكي حول الآثار «الضارة» لكأس العالم في أمريكا في أسبوع التصويت. أكاديميون متورطون وتمددت الحملة السوداء التي شنتها قطر بالمال، إلى أكاديميين متظاهرين بأنهم يمثلون دافعي الضرائب الذين يهتمون بالمال العام الذي يتم إنفاقه على ملفات المتنافسين. ووفقاً للصحيفة، فإن القطريين دفعوا لأحد الأستاذة الأمريكان 9 آلاف دولار لكتابة تقرير سلبي عن استضافة الولاياتالمتحدة لكأس العالم والتكلفة الاقتصادية الضخمة المصاحبة للخطوة، لينشر التقرير في وسائل إعلام عدة. إنجلترا جاهزة وقال رئيس لجنة الثقافة والإعلام واللجنة الرياضية المختارة في البرلمان البريطاني داميان كولينز، الذي نقل شهادة شخص كشف الفضيحة القطرية، إنه «قلق للغاية»، مطالباً «فيفا» بالتحقيق. وألمح كولينز إلى فقدان قطر حق استضافة البطولة، قائلاً: «ستكون العقوبات القصوى لخرق القواعد النهائية فقدان الحق في استضافة البطولة». وشدد الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم الإنجليزي رئيس ملف إنجلترا اللورد تريزمان، على ضرورة التزام «فيفا» الذي يتمثل بالنظر إلى الأدلة بشكل كامل وبسرعة كبيرة، مضيفاً: «لابد أن تكون لديهم الشجاعة لاتخاذ ما قد يكون قراراً صعباً، إذا تبين أن قطر قد خرقت قواعد «فيفا»، فإنها لا يُمكن أن تحتفظ بحق استضافة كأس العالم». وقال تريزمان: «لن يكون خطأ أن يعيد «فيفا» النظر في إنجلترا في هذه الظروف. لدينا الإمكانات». صحفيون ومدونون وأوردت الصحيفة البريطانية تفاصيل التكتيك القطري لحقن منافسيهم بسم الدعاية المضللة، إذ أشارت التسريبات إلى أن الهدف من «العمليات السوداء» يكمن في التأثير على اللجنة التنفيذية التابعة ل«فيفا» من خلال إيهامها بعدم وجود دعم محلي لمنافسي قطر خلال الأشهر التي سبقت التصويت في شهر ديسمبر لعام 2010. وأوضحت أن الإستراتيجية نُفِّذت في مكاتب شركة «براون لويد جونز» (BLJ) في نيويورك المختصة بالاتصالات، وتعرف حالياً باسم (BLJ Worldwide). واستعانت الدوحة بفريق مكون من وكلاء سابقين في وكالة المخابرات المركزية (CIA) للمساهمة في نشر الأكاذيب ضد منافسي قطر، كما شملت الحملة المضللة توظيف صحفيين ومدوّنين وشخصيات أخرى لإثارة الروايات السلبية، والتجسس على المنافسين، ونشر تقارير استخباراتية حول شخصيات مهمة، وإشعال فتيل احتجاجات شعبية. وكشفت إحدى رسائل البريد الإلكتروني المؤرخة بشهر مايو 2010؛ إرسال أحد رؤساء شركة (BLJ) في نيويورك، مايكل هولتزمان، تقريراً يشرح تفاصيل العمليات السرية لأحد كبار المستشارين لفريق ملف قطر الذي يعمل حالياً في اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر، أحمد نعمة، وجاء في الرسالة المعنونة ب«الإستراتيجية» أنه «على مدى الأشهر الأربعة الماضية؛ قمنا بحملة شاملة لتقويض ترشيحات الدول المنافسة لاستضافة كأس العالم 2018 /2022، خاصة أسترالياوالولاياتالمتحدة». ويبدو أن النظام القطري يمر بأكثر المراحل خطورة في ملف فوز الدوحة باستضافة كأس العالم، فإضافة إلى أزمته السياسية مع جيرانه، والنكسات الاقتصادية التي تعصف به، لا تتوقف الفضائح القادمة من عواصم العالم عن ملف «كأس العالم 2022».