يصل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الجمعة إلى المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين لعقد قمة تاريخية مع رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-إن، تعتبر تتويجا للتقارب الدبلوماسي الذي بدأ مطلع العام على شبه الجزيرة. وستكون الترسانة النووية لبيونغ يانغ في صلب المباحثات خلال الزيارة الأولى من نوعها لزعيمها إلى الجنوب منذ انتهاء الحرب الكورية قبل 65 عاما، وقد تناقش أيضا معاهدة سلام تنهي رسميا النزاع بينهما. والقمة الذي ستنعقد في الجانب الجنوبي لقرية الهدنة بانمونجوم، هو الثالث من نوعه فقط بعد لقاءين في بيونغ يانغ كان آخرهما قبل 11 عاما - يهدف إلى تمهيد الطريق أمام قمة مرتقبة بين كيم والرئيس الأميركي دونالد ترمب. وتأتي هذا القمة بعد جهود دبلوماسية حثيثة على شبه الجزيرة في أعقاب الألعاب الأولمبية الشتوية في الجنوب. وأرسل كيم وفدا رياضيا تقدمته شقيقته إلى الألعاب وعرض وضع موضوع نزع السلاح النووي على طاولة المباحثات مقابل ضمانات أمنية. ووافق ترمب على مقترحه عقد قمة، وتوجه كيم إلى بكين في أول زيارة له إلى الخارج كزعيم. وتأتي التطورات على نقيض صارخ لأحداث العام الماضي عندما نفذت بيونغ يانغ تجربتها النووية السادسة والأقوى لها على الإطلاق حتى الآن، وأطلقت صواريخ قادرة على وصول الأراضي الأمريكية فيما تبادل كيم وترمب الإهانات الشخصية والتهديدات بشن حرب. وفرض مجلس الأمن الدولي مجموعات من العقوبات على الشمال، ومنها تدابير تستهدف قطاعات الفحم وصيد الأسماك والأقمشة، وعلى واردات النفط. تطالب واشنطن بيونغ يانغ بالتخلي عن السلاح الذي أمضت عقودا في تطويره وتقول إنه ضروري لها لحمايته من غزو أمريكي. وفي نهاية الأسبوع الماضي أعلنت بيونغ يانغ وقف تجارب إطلاق الصواريخ البالستية العابرة للقارات، وقال كيم إن "موقع التجارب النووية في الشمال أنجز مهمته". ولم تعلن بيونغ يانغ التزامات أخرى لكن ذلك لم يمنع ترمب من القول "لم نتخل عن شيء ووافقوا على نزع السلاح النووي (أمر رائع للعالم) وإغلاق موقع ووقف التجارب". والاثنين، اعتبر مون ذلك "قرارا مهما نحو نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية". غير أن الشمال أعلن في السابق وقف مثل تلك التجارب وتحدث أيضا عن نزع السلاح النووي فيما انهارت اتفاقيات سابقة بنهاية الأمر. وقال كوه يو-هوان بروفيسور الدراسات الكورية الشمالية في جامعة دونغكوك "هناك طرق مختلفة لتفسير صياغة الكلمات الكورية الشمالية.. تفسير حرفي والقراءة بين السطور أو قراءة ذلك بما يعكس الآمال الشخصية". وقال إن الأطراف الثلاثة لديهما حوافز مختلفة في العملية الحالية. وشرح قائلا "إن المسألة الأكثر إلحاحا لترمب هي منع كوريا الشمالية من حيازة صاروخ باليستي عابر للقارات. وبالنسبة لكوريا الشمالية هي الحؤول دون ضربة عسكرية أمريكية والتفاوض كقوة نووية لتحسين اقتصادها". وتابع "وكوريا الجنوبية تريد إحضار كوريا الشماليةوالولاياتالمتحدة إلى طاولة الحوار سعيا لحل سلمي ولإعادة إحياء العلاقات الجنوبية الشمالية". وفي عالم المفاوضات النووية الكورية المعقد والمختلف يمكن لنفس العبارة أن تعني أشياء مختلفة تماما بالنسبة للأطراف المختلفة. فتأييد كوريا الشمالية لنزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة كان شرطا لسحب 28.500 جندي أمريكي منتشرين في الجنوب لمراقبة الأجواء والمحيطات في المنطقة وهو ما ترفضه الولاياتالمتحدة. ولم تشترط كوريا الشمالية ذلك صراحة هذه المرة بحسب مون لكنها لا تزال تريد «ضمانة أمنية»، ما يترك مجالا كبيرا لاحتمالات عدم التوصل لاتفاق. وطالما سعت بيونغ يانغ لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولاياتالمتحدة، لكن مون قال الأسبوع الماضي إن الجنوب يمكن أن "يعمل لتقريب وجهات النظر بين الولاياتالمتحدة والشمال للمساعدة في التوصل لاتفاق بين البلدين". وفي القمتين السابقتين بين الكوريتين، التقى والد كيم وسلفه كيم جونغ ايل بالرئيس الكوري الجنوبي الراحل كيم داي-جونغ -- الذي حاز جائزة نوبل للسلام تقديرا لجهوده في 2000، وروه مون-هيون في 2007. وفي النهاية لم يتمكنوا من إبطاء الجهود العسكرية للشمال والتي تسارعت في عهد كيم، الذي ربما يشعر الآن إنه يمكنه التفاوض من موقع قوة. لكن بحسب المحلل في المعهد الكوري للتوحيد الوطني هونغ مين، فإن كيم وتحت وطأة عقوبات فرضت في حملة ترمب «إصدار عقوبات قصوى» يبدو «أكثر استعدادا من أي وقت» للقيام بتنازلات حول برنامجه التسلحي. ويضيف المحلل إن «السيناريو المثالي» سيكون بأن يعبر كيم عن التزام واضح بنزع السلاح النووي الجمعة، قبل وضع خطط محددة في القمة مع ترمب مثل جدول زمني للسماح بدخول مفتشي الأممالمتحدة إلى المنشآت النووية. لكن بعض المحللين يبدو تشكيكا ويحذرون من أنه رغم عرض كيم وقف التجارب النووية والصاروخية، فإن الشمال ربما في الواقع ليس بحاجة لها، وبأن الإغلاق الموعود للموقع النووي يمكن العودة عنه بسهولة. وكتب المسؤول السابق في وزارة الخارجية لشؤون كوريا الشمالية ميناتور اوبا على تويتر "إن كوريا الشمالية متخصصة في السيطرة على النقاش العام دون القيام بتنازلات جادة".