من الواضح أن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لأمريكا في محطتها الأولى واشنطن حققت نجاحا منقطع النظير قبل أن تنتهي، بالنظر إلى جملة من المعطيات التي تمخضت عن اللقاء مع الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض. وقد عقد الأمير محمد بن سلمان مباحثات مكثفة مع الرئيس ترمب الذي أكد أن العلاقات الأمريكية السعودية حاليا أفضل من أي وقت مضى؛ وهي رسالة مباشرة وقوية تعكس حرص الإدارة الأمريكية على تعزيز الشراكة مع السعودية في جميع جوانبها. وفي إشارة أخرى للأمير محمد بن سلمان قال ترمب «يشرفني استقبال ولي العهد الذي تجمعني به صداقة قوية وعلاقة قوية جداً، ونحن نفهم بعضنا البعض»، وهو ما يعكس أيضا حجم العلاقة الإستراتيجية بين الأمير الشاب والرئيس ترمب، التي وضع أساسها ولي العهد خلال العام الماضي منهياً فترة من العلاقات الباردة مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي فشل في سياساته الداخلية والخارجية. فيما أكد ولي العهد من جهته، أن السعودية أقدم الحلفاء لأمريكا وأن العلاقة بينهما تعود إلى أكثر من 80 عاما. وتكشف الصفقات التجارية مدى قوة هذه العلاقات وارتباطها ليس فقط بالبعد السياسي أو الأمني، بل وبفتح قنوات الاستثمار بين البلدين. ولم يكن تميز العلاقات بين الدولتين الحليفتين هو الجانب الأبرز، بل إن الدبلوماسية السعودية الهادئة حققت انتصارا كبيرا عندما صوت غالبية أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أمس الأول (الثلاثاء) ضد مشروع قانون دعا إلى إنهاء المشاركة الأمريكية في الحرب في اليمن، وأحبط 55 عضواً من أعضاء المجلس المشروع الذي كان يدعو لوقف دعم الولاياتالمتحدة للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية. نشاط الأمير محمد بن سلمان سيستمر في واشنطن لعدة أيام، ومن عاصمة صناعة القرار سيتوجه (السبت) إلى بوسطن، وسيلتقي في ال26 من مارس الجاري كبار المسؤولين الماليين في نيويورك، كما يشارك في المنتدى الاستثماري السعودي الأمريكي، ويلتقي كذلك الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس. وابتداء من ال30 من مارس ينتقل إلى الشواطئ الغربية للولايات المتحدة، فيزور لوس أنجليس، وسان فرانسيسكو، للالتقاء بالمسؤولين في كبار شركات التكنولوجيا مثل قوقل، وأبل، إضافة إلى شركة لوكهيد مارتن لتصنيع السلاح. بعدها ينتقل ولي العهد إلى سياتل، حيث شركة أمازون، ثم يختتم جولته في السابع من أبريل في هيوستن، حيث شركات الصناعات النفطية للاجتماع مع مسؤولين في شركات بقطاع النفط والغاز. وكل هذه اللقاءات والاجتماعات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السعودية المتجددة تتحرك في إطار مصالحها الإستراتيجية وأهدافها العليا لتحقيق توجهات الرؤية السعودية 2030، لنقل المملكة إلى مصاف الدول العالمية وإنهاء اعتمادها على النفط. إن زيارة ولي العهد في مضامينها تمثل قفزة جديدة في مسار تطوير العلاقات الثنائية بين السعودية وأمريكا وسبل تعزيزها في إطار روابط الصداقة والعلاقات التاريخية المتينة وشراكة التنمية التي تربط البلدين الصديقين، وتجسد الزيارة حرص البلدين الصديقين على ترسيخ هذه الشراكة وتوطيد العلاقات الثنائية الممتدة لنحو أكثر من 80 عاما. كما تكتسب الزيارة أهمية كبرى في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة، ما يتطلب تبادلا للآراء وتنسيقا للمواقف بين البلدين ذوي التأثير الدولي المميز، إلى جانب دفع عجلة الاقتصاد والانطلاق به إلى آفاقٍ أرحب تتوافق مع الرؤية الطموحة للمملكة 2030. إن العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالأمريكية بنيت على الاحترام والتعاون المتبادل والمصالح المشتركة، وتحظى بمكانة خاصة لدى الجانبين.