تسامعت القرية بموهبة يزيد ابن حسينة، يفري القِرب، ويصلّح الدوافير، ويلحم الحنفيات، ويعيد تشغيل الروادي الخربانة، وغدت الحجرة التي يسكنها مع أمه، معاداً ومراداً للقرية، والقرى المجاورة، وكل يعطيهم من جهة. قفاف البر، وأكياس اللوز، وزنابيل القسبة، والدراهم إن توفرت. تطور الحال بأمه، ومع وفرة المال في يدها فتحت دكاناً تؤمّن من خلاله أغراض النساء، سراويل خط البلدة، وكُرت شامية، ومعاصب، وشيال، وديرم، وحبشوش، وعطر قلب شادية، تهبط فجر الخميس مشياً هي ويزيد، والعريفة يباريها من فوق الحمارة، وشعوة تعيّب فيها وفي بضائعها، وتدعو النساء للتبضع من عند فرّقنا. اقترح شاعر القرية على العريفة أن يذبح الفقيه النيبة. قال: آخر مصاييف، وفاضين، وحسينة ضيفة، ويا كبيرنا منها نلتقي طاسة مرقة، ونوسع صدورنا، قال العريفة، شرطي عليك تقصّد من عشية حتى يبدي سهيل. قال أبشر بسعدك. ذبح الفقيه شاة، واجتمعت القرية رجالاً ونساءً وأطفالاً، على ضيفة (حسينة وابنها) والشاعر يتلهلب من جنب القبس، إلى فوق الجناح. قال العريفة: جنيّتك ما هي بخير، شمّت ريحة الحبشوش، فضج البيت بالضحكات، خصوصاً أبو محمد اللي صدى ضحكاته يحيي قرى. انتشى الشاعر قبل ما يشرب فنجال المرقة وقال وعينه على حسينة «يا بُنّ ما قاربوه أهل الخيانة والاوغاد، يكيّف الرأس في ليل الهوى ما دَوَخ به، له تاجر ربي أكثر مرزقه واغنياته» دخلت شعوة، وورعانها، مع شيلة الحضور بالقصيدة، قالت للشاعر: الله يلجاك أنحن نبغي نتهرج، وأنت افتنتانا يا لاله يا لاله. أهجد عنا. تناولوا العشاء، وبدأ اللعب، كانت شعوة قصيرة القامة، وحسينة فارعة الطول، فقال الشاعر «سبحان من شرّفك بالعز يا شهر رمضان، والحج ما يعقدونه في جمادى وعاشور، وليلة القدر ما هي مثل ليلة قصيّر، وراعي الخيل ما يركب على بغل حافي). فأكلت الغيرة قلب شعوة وهدّت اللعب، مرددة «الله أكبر لا إله إلا الله وراكم صلاة ومسراح». صباح يوم تالي، انتبهت القرية حزينة، والعريفة يردد فوق الجناح حسبنا الله ونعم الوكيل، والله لا يسامحك يا شعوة. لم يدر أنها تسمعه، فعلّقت، على من تحسبن يا صقر الرخاصة، فشرد، ولحج الباب وراه. علمي وسلامتكم.