أقسمت على زوجها ما يدخل البيت، حتى يبدي لها البيضاء بأعلى صوته، وناولته قماشا أبيض، فذهب إلى طرف الجناح. صاح بكل جهده، يا لقاة الخير، أنا (مرعد بن مزبد) أبدي البيضاء لمرتي (ديمه بنت سالم الغانم) على رؤوس الأشهاد، وقولها يعدي على شنبي، وأشناب أهلي أولهم وتاليهم، وذاعت الغطاريف من أركان البيوت. كبر أولاد (ديمه)، وكلما خطبت لأحدهم في بيت من بيوت القرية، قالوا «يا دافع البلا، والله لو ما يبقى من العرسان إلا أولادك». استشارت أخاها سعد، فجاوبها بصراحة، وقال «والله يا أختي إنك نشمية، لكن ما ينصبر عليك، إنتي رجالية، ويبغى لك زوجات يكرفن ليل الله ونهاره، وما يرفعن برطم عن برطم». فردّت عليه «والله يا المخور ما بك إلا أني ما خطبت في بناتك». اختارت للشبان الأربعة عرايس من قرى أهلها شقاوية، ومن دهائها كلما راحت عروس، بحثت عن ضيفة من قرية العروس طويلة لسان، وبمهارة سيدة داهية تستدرجها حتى تعرف نقاط ضعف أهل زوجات الأبناء. ذات صباح ومن قبل أن ينتهي الأسبوع الأول من زواجهم، نزلت من العالية وعكازها بيدها، وطرقت بطرفه باب غرفة الابن الأكبر، ردّ عليها «أيوه يامه» قالت: افتح، فتح فدخلت والعروس ملقية لها ظهرها، فنغزتها بالعصاة في (...)، وقالت: انهضي ما عندنا ماء نتوضأ ولا نطبخ، ردّت بتثاقل «بعدي بدري ياعمه، وأنا ما فيّه من حمل الزفة، خلي وحدة من نساوين أولادك تسرح بدلي». قعدت طرف السرير وقالت منين تسمعين، والله ما يسقي لنا اليوم إلا إنتي، وعيونك أربع، وش بك نسيتي أن أبوك ما يسمونه إلا (أبو تنكه) عمره كله ينقل التنك ويسقي لبيوت الحضران. كانت تتابع إسراف زوجة الابن الثاني في إعداد المائدة، فنبهتها، وقالت «يا شقفة ويا لقفة وفّري، الكفحة خليها في بيت أهلك الكرام»، فيما تشفق على زوجة الابن الثالث، وتضمها أحياناً مرددة «عليّ عنك وسط قلبي»، أما زوجة الصغير فمحل الحفاوة، وما تصفها إلا بديمه الصغرى. وإذا أحد سألها عن زوجات أبنائها، تجيب: هاه شختك بختك. علمي وسلامتكم.