«من بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجر»، جملة وجهها الرئيس الليبي السابق معمر القذافي إلى أصدقائه القطريين من تنظيم الحمدين، الذين شاركوه الإرهاب والمؤامرات والدسائس طويلاً في المنطقة، لكن عقب انطلاق الربيع العربي واجتياحه ليبيا تغير الحال وانقلب الحمدان على صديقهما القذافي، فأطلق نبوءته التي تشير إلى سقوط التنظيم في المستقبل القريب. حمل التاريخ 27 يونيو 1995 خبراً سيئا ومشؤوما للشعوب العربية والمنطقة مع الانقلاب الأسود الذي قاده حمد بن خليفة آل ثاني على والده خلال رحلة الأخير الخارجية، ومنذ تلك اللحظة عمل بمعية حمد بن جاسم رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري آنذاك على بناء إمبراطورية إعلامية أسهمت في تحويل الدوحة إلى مركز للمؤامرات ومنطلق للدسائس، ونقطة لاجتماع أعداء المنطقة، مثل إيران، من أجل الفتك بالجيران والأشقاء العرب دون رادع. قامت الجزيرة منذ انطلاقها في 1996 بالعمل على استضافة المعارضين للدول الخليجية وضرب الوحدة وشق الصف، وعملت على تحسين سمعة إيران في المنطقة، ودعم أهدافها، ومكنتها إعلاميا لتشويه الدول العربية والإسلامية من خلال إبراز القاعدة وداعش كنموذج للإسلام في المنطقة، وأصبحت الجزيرة منبراً إعلاميا لأسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبو محمد الجولاني وغيرهم من رموز التطرف، وساهمت في إيصال رسائلهم إلى المتطرفين والذين عملوا على تفجير الأوضاع في المنطقة. ولم تكتف الدوحة بهذا النوع من «المؤامرات»، بل عملت على تسخير العمل الاستخباري للإضرار بالدول العربية، ومن ذلك السعودية والبحرين والإمارات ومصر، فعملت على دعم طهران دوليا من خلال التصويت ضد فرض العقوبات بسبب النووي الإيراني، ومدت يد الدسيسة إلى الرئيس الليبي السابق معمر القذافي والتي أظهرت التسجيلات مدى التآمر ضد المملكة من قبل تنظيم الحمدين والذين تعهدوا بالإضرار بالمملكة والاستعانة بإسرائيل ضد الأمريكيين لتخفيف الضغط على الدوحة في حال وجود ذلك. ومع هبوب رياح الربيع العربي، ركبت قطر الموجة فقامت بتسليح الميليشيات المتطرفة في عدد من الدول العربية، وظهر جنودها في ليبيا وساهموا في إسقاط النظام الليبي، وفي مصر واصل تنظيم الحمدين التأليب على الرئيس السابق حسني مبارك ومع تنازله عن الحكم، دعم الرئيس المصري السابق محمد مرسي، قبل أن يصل عبدالفتاح السيسي إلى سدة الحكم في مصر قبل سنوات، وهو ما أحبط مخططات الدوحة في أرض الكنانة وقتل أحلامها، لتقوم بعد ذلك بشن حملات إعلامية ودعم المعارضين المصريين. وفي أواخر 2013، وقّعت قطر صاغرة على ورقة بالكف عن مؤامراتها بحضور ملوك وشيوخ الدول الخليجية، وتم توقيع الاتفاق التكميلي في 2014، وتلا ذلك تنازل الحمدين عن الحكم وتصعيد تميم بن حمد ليكون أميراً على قطر، لكن القذافي يعرف أصدقاءه الانقلابيين جيداً، ويدرك أن بيوتهم من زجاج قابلة للكسر، فنكثت الدوحة بالوعود، وفي 5 يونيو 2017 أعلنت السعودية والبحرين والإمارات ومصر مقاطعة الدوحة نتيجة مؤامراتها ودسائسها، ومنذ ذلك الحين ظل تميم يجوب العالم في محاولة لانتشال بيته الزجاجي، لكن المقاطعة تظهر أن البيت القطري أوهن من بيت العنكبوت، وأن أحجار المقاطعة تهشم زجاج تنظيم الحمدين بسهولة.