في الوقت الذي تتزايد أعداد ملايين المسلمين المتوافدين على الحج عامًا بعد الآخر، اختارت الدوحة أن تعلن «تسييس» الشعيرة المقدسة، لتكمل ما بدأه الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، ثم إيران. وأسقط تسييس قطر للحج، ومنعها مواطنيها لأداء المناسك، آخر أقنعتها التي كانت تنكرها منذ تصريح تميم الشهير، وكانت كل المواقف القطرية والتصريحات الإعلامية من المسؤولين القطريين متطابقة تماما وتتفق مع السياسات العدوانية التي ظلت تنكرها الدوحة طوال 20 عاما الماضية. ويبدو أن السلطات القطرية اختارت الهروب إلى الأمام من المطالب ال13، عبر شكوى تقدمت بها للأمم المتحدة تهدف من خلالها إلى «تدويل الحج»، في مسعى خاسر، وهو الطريق ذاته الذي حاولت إيران أن تسلكه، لكنه بدا لها أنه طريق وعر وسيكلفها الكثير من المشقة وتراجعت عنه، لكن قطر غامرت بتهور ورمت بكل أوراقها في «بحر متلاطم» قد يتسبب في إغراقها، خصوصا أنها تعيش على ضفاف جزيرة مائية مليئة ب«التناقضات» ومعرضة ل«الفيضانات». وكشفت الدوحة رسميا، أنها تسير منذ زمن ضمن الثلاثي المارق (إيران، معمر القذافي، وتنظيم الحمدين)، الذين هم وحدهم من طالبوا بتدويل الحج وحاولوا عرقلته، بداية من الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، حين محاصرة ليبيا جوياً، تحت حكمه، كانت وسيلة الليبيين للوصول إلى المشاعر المقدسة من خلال مصر أو مالطا أو تونس (ترانزيت)، لكن القذافي حينها منعهم واتهم السعودية بمنعهم، ولم يكتف بذلك بل أرسل متفجرات ضمن حقائب الحجاج، واكتشفت السعودية الأمر وأخبرت القذافي بفعلته، وقالت رسالة له: «اكتشفنا فعلتك، ورغم ذلك لن نمنع الحجاج الليبيين». السيناريو ذاته كررته إيران ذات مرة، ولكنها فشلت في ذلك، وجاءت السلطات القطرية هذه المرة، حيث أكدت السعودية مرارا أن الحجاج القطريين مرحب بهم، ولكن عليهم أن يأتوا إلى المشاعر المقدسة عبر أي شركة طيران يختارونها، باعتبار أن الخطوط القطرية محظورة من المرور فوق الأجواء الإقليمية السعودية بموجب قرارات الدول الأربع، لكن سلطات الدوحة اتهمت السعودية بمنع الحجاج القطريين رغم أن السلطات القطرية أقفلت التسجيل في وجههم منذ وقت مبكر. ويرى مراقبون أن الاصطفاف القطري ضد الحج جنبا إلى جنب مع سياسة إيران، والقذافي من قبل، يؤكد على عمق العلاقات والتوجة السياسي الواحد بين «ثلاثي الشر».