أثبتت دراسة أكاديمية عن الشاعر السعودي «حمد الحجي... شاعر الآلام»، أنجزها الباحث الدكتور «خالد بن عبدالعزيز الدخيل» وطبعها نادي الرياض الأدبي حديثاً، أنّ الشاعر يستحق أن يُدْرَس لما في شعره من قضايا دقيقة تستحق أن نقف عندها ونتأملها، كما بينت الدراسة أن الشعر ما هو إلا مرآة تعكس أحاسيس المبدع ويحتاج إلى مزيد من التأمل من أجل الوصول إلى أسراره وكشف خفاياه. كما اهتمت الدراسة بالعلاقة بين الألم النفسي والإبداع الذي كشفت أنه لم يخرج نتيجة مرض نفسي بل إنه مخالف تمام المخالفة له وربما كان الإبداع نتيجة معاناة تعرض للمبدع ويطيل التفكير بها، فالمعاناة تعرض لأي إنسان سواء أكان مبدعا أم غير ذلك، وإذا كان صاحب المعاناة مبدعا فإنه سيعبر عن إحساسه من طريق الإبداع. وأضافت الدراسة أن هناك عوامل مؤثرة في شعره يأتي في مقدمتها حياة الشاعر البائسة التي كان لها تأثير كبير في نفسيته، إضافة إلى تأثير ثقافة الحجي وتعليمه، إذ كان لهما الأثر الكبير في شعره، إذ أسند الباحث رأيه على آراء علماء النفس في حالات ثقافة المبدعين والأثر الذي تحدثه الثقافة في إبداعهم. كما أن لعلاقته بالمجتمع، التي اتخذت أشكالاً عدة من بداية حياته حتى أصابه مرض الفصام، أثرها الكبير في شعره. وأشارت الدراسة إلى أثر العلاقة بين مرضه وشعره وأسرار إبداعه من إرهاصات هذا المرض الذي حمّله كثيراً من العناء وأثر المرض في مسيرته الشعرية، إذ توقف بسببه عن الإبداع، كما كان لرحلات «الحجي» الأثر الإيجابي في شعره. الدراسة تعرضت لصفات «الحجي» الخاصة وأثرها في شعره، واهتمت بالحديث عن صدى المؤثرات النفسية في شعره وربط الباحث بين هذه الصفات وبين ما أثر في نفسيته من العوامل مع ما باح به الشاعر في شعره من أجل القارئ الذي يسأل عن صدق الحب أم أنه شاعر مقلد ركب موجة الرومانسية التي علا صوتها في عصره. ولم تغفل الدراسة الغربة والعزلة في حياة «الحجي» اللتين كانتا تشكلان مظهراً نفسياً مؤلماً في حياة الشاعر الذي كان يشعر بالظلم الفردي والأممي في شعره! كما أن رؤية الحجي للوجود أثرت في إبداعه، إذ حرّكت شاعريته فكان كثير التأمل في الخلق والكون، كما أن علاقته بأقرانه وقلق الموت في شعره وأثر الحرمان العاطفي كما يصوره شعره كانت ذات أثر كبير في شعره. وفي الدراسة الفنية أبرز الباحث أثر الأوزان في التعبير عن مشاعر الحجي من خلال استعراض الأوزان التي تكثر في شعره ودلالات هذا الاستخدام، وكذلك علاقة القافية الشعرية وتوظيف الشاعر لها في التعبير عن فكرته ودلالتها النفسية، وخلصت الدراسة إلى أنّ هناك ثلاث مراحل في حياة الحجي: مرحلة ما قبل المرض التي كانت متواضعة فنيا وغير لافتة، ومرحلة أعراض المرض وإرهاصاته التي عدها الباحث المرحلة الإبداعية اللافتة لمضامينها ودلالاتها، لأنها تعكس واقعه الداخلي، إذ بلغ قمة توهجه الفني، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فقد كانت مرحلة تمكّن المرض منه منذ توقف الشاعر عن الإبداع ولم يكتب إلا أبياتاً قليلة وكان يرفض معها أن يُنسب إليه قول الشعر!