أوضح الباحث سعد الغريبي أن الشاعر حمد الحجي فقد الكثير من قصائده لأسباب عدة، منها أنه كان «شاعراً مطبوعاً سريع الانتشار»، مشيراً إلى عدم استقرار حالته النفسية. وقال الغريبي في ورقة بعنوان «صفحات مطوية من حياة الشاعر حمد الحجي»، قدمها في الملتقى الثقافي الذي يشرف عليه الدكتور سعد البازعي في جمعية الثقافة والفنون مساء الأربعاء الماضي: «إن الشاعر الراحل لم يستقر في مكان واحد، فقد قضى عمره متنقلاً بين المصحات»، مضيفاً أن الشاعر نفسه أتلف بعض ما لديه من شعر، بسبب عدم احتفاء أسرته به شاعراً، «أو عدم رغبتهم في الاحتفاظ بأشعاره المتشائمة، على رغم أنه لم يتناول في قصائده ما يدعو إلى ذلك، إذ كان يتناول التأمل المشوب بالتشاؤم وحب الوطنية والغزل ووصف الطبيعة والعاطفة الدينية». ولفت إلى أن الشاعر الحجي كان في طفولته «سوياً متفوقاً في دراسته ولم يؤثر الفقر واليتم فيه كثيراً، إذ بدأ شبابه اجتماعياً محباً لوطنه ومكباً على القراءة والتفكير، واستفاد كثيراً من التقنيات التي ظهرت في تلك الفترة، مثل كثرة المدارس وانتشار الصحف والمجلات، ودخول المذياع للبيوت، إذ بدأ في نشر ما ينظم من قصائد وما يكتب من مقالات في الصحف المحلية والعربية. أما عن مكانته الشعرية فأوضح الغريبي أن بداية الحجي «كانت ضعيفة وبخاصة قصائد المناسبات، ولكنه مع قراءته وتمرسه في النظم والإلقاء في الجامعة بدأ شعره يتخذ طابع القوة والجزالة، ولا سيما بعد أن أودت به كثرة القراءة والغربة عن المجتمع إلى شعر التأمل، وكان هناك تفاوت واضح في شعره بين قصائد التأمل وقصائده الأخرى، فقد برع في الشعر التأملي بصورة ملفته يستحق معها أن يكون في مقدم شعراء هذا المجال في الوطن العربي، إذ كان متأثراً بالمعري، وأبي القاسم الشابي قديماً، وفهد العسكر حديثاً». كما تناول الباحث، في الندوة التي حضرها عدد من المهتمين وبعض أعضاء مجلس إدارة الجمعية في مقدمهم الدكتور عمر السيف، بعض المؤلفات التي تناولت شعره، مثل «شعراء نجد المعاصرين» للأديب عبدالله بن إدريس 1960، و«الشاعر حمد الحجي» للدكتور عبدالله بن محمد بن حسين 1981، و«عذب السنين» ديوان الشاعر، الذي جمعه محمد بن أحمد الشدي بعد وفاته سنة 1989، و«حمد الحجي شاعر الألم»، للدكتور خالد بن عبدالعزيز الدخيل عام 2017. واختتم الباحث محاضرته بعدد من التوصيات، من أهمها: الاجتهاد في جمع ما غاب من أخباره وأشعاره من طريق أسرته وأصدقائه الذين مازالوا على قيد الحياة. وإعادة قراءه الشاعر حمد الحجي وتمحيص كل ما قيل وكتب عنه. وإعادة طباعة ديوانه، سواء وجدت إضافات إليه أم لا، في طبعة حديثة مضبوطة بالشكل ومخرجة إخراجاً يليق بالشاعر. وكان الدكتور سعد البازعي بدأ المناسبة بالتعريف بالشاعر منذ ولادته عام 1357ه في بلدة مرات من إقليم الوشم، وكيف عاش بعد وفاة والدته وهو ابن التاسعة، ثم فقد أخوين له ثم فقد والده لينتقل للعيش تحت كنف شقيقته، إضافة إلى مراحل تعليمه التي بدأها بالتحاقه بالكتاتيب قبل افتتاح المدرسة الابتدائية بمرات التي التحق بها وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1372- 1373ه، لينتقل بعدها للعيش في الرياض ويدرس في المعهد العلمي إلى أن حصل على الشهادة الثانوية ثم التحاقه بكلية الشريعة، التي درس فيها سنتين لينتقل إلى كلية اللغة العربية بناء على رغبته وميوله ولإصابته، بمرض الفصام لم يكمل تعليمة، فبدأ مرحلة جديدة من حياته وهي مرحلة العلاج، فسافر إلى لبنان والكويت وبريطانيا ومصر، ثم عاد ليدخل مستشفى الأمراض النفسية بالطائف، ثم استقر به المقام في دار الرعاية الاجتماعية بالرياض حيث توفي عام 1409ه.