منذ إنشاء الأممالمتحدة -أي قبل قرابة 72 سنة- وهذه المنظمة الأممية تخطو من فشل إلى فشل، ومن عجز إلى عجز، فمنذ ذلك الوقت حتى الآن مرت هذه المنظمة العرجاء بسلسلة متواصلة من الإخفاق التام في حل معظم القضايا الدولية العالقة، واكتفت بدور المتفرج، حتى تحولت إلى أداة تستخدمها الدول الكبرى كشاهد زور أحيانا، أو على الأقل أداة ناجعة للابتزاز السياسي. المنظمة الأممية «القلقة دائما»، كانت ولاتزال محل تندر كبير بين الشعوب العربية على وجه الخصوص، بيد أن العرب أكثر من عانى من ظلم وإجحاف هذه المؤسسة التي تحمل راية الشرعية الزائفة، فهناك من وصف وظيفة الأمين العام لهذه المنظمة بأنها من أسهل وأبسط الوظائف، فالمتقدم إلى هذا المنصب لا تُطلب منه مؤهلات عالية ومسيرة ناجحة، بل ربما تكون شخصا فاشلا وتفوز بهذا المنصب، لأنه لا يتطلب منك سوى التعبير عن «قلقك». وربما يكون أنطونيو غوتيريس الأمين العام الجديد، هو أحد أولئك القلقين، فهذا الرجل وصل إلى هذا المنصب بعد أن دمر اقتصاد بلاده، ومر بسلسلة طويلة من الإخفاق والفشل، طغت على أداء وفاعلية الأممالمتحدة فمنذ أن تقلد غوتيريس مهماته بدا ضعيفا ومهزوزا ولم يستطع إعادة الهيبة للمنظمة الأممية، حيث أعاد غوتيريس المنظمة إلى مرحلة التخبط والانهزامية بسبب الإخفاقات في عدد من القضايا وعلى رأسها الأزمة اليمنية التي استمدت قوتها من القرار الأممي 2216 التي اعتمدت المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار والقرار الأممي كمرجعيات لحل الأزمة. خلال فترة قصيرة في عهد غوتيريس، شهدت الأممالمتحدة خذلانا وتقاعسا كبيرا، حيث أصبحت رهينة للتقارير المغلوطة، كان آخرها إدراج التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في القائمة السوداء في تخبط واضح في سياساتها، حيث لم يرتكز القرار على أسس قانونية مهنية ومعايير دولية على الإطلاق، وهو أمر لن يساهم فقط في انهيار أخلاقيات المنظمة الأممية بل سيحدث حالة من الانشقاقات داخلها بسبب قرارتها التي لا تتماشى مع أبسط قواعد الشرعية والمبادئ الدولية. المنظمة الأممية التي لم يحالفها النجاح يوما في وقف الحروب والأزمات، فشلت أيضا في الإمساك بزمام الأمور وامتلاك القدرة والصلاحيات التي تخولها فرض تنفيذ القرارات التي تعد بالآلاف. فقد حوّلها أصحاب الحل والربط (الدول الكبرى) إلى شاهد زور ومنظمة منزوعة الصلاحيات تعيش حالة عجز كامل وعدم قدرة على مواجهة تسلطها، في منع صدور القرارات أو عرقلة تنفيذها. فالأممالمتحدة التي أنشئت أساسا لدعم السلم والأمن، أخفقت في إحداث أي اختراقات إيجابية حيال القضايا العربية والإسلامية وحل النزاعات الدولية ولعبت دور المتفرج، وفي حال قررت التحرك والعمل فإنها تعتمد على مصادر معلومات غير موثوقة وليست مستقلة وهذا يجعلها تتخذ قرارات متهورة وخطيرة جدا مثل إدراج التحالف العربي على القائمة السوداء. ومنذ أن حاولت الأممالمتحدة أن تقوم بدورها في اليمن، بدأت الشكوك تساور اليمنيين حيال دورها المشبوه، الذي اتضح من خلال مبعوثها في اليمن جمال بنعمر والذي أعقبه ولد الشيخ، فجميعهم لم يحركوا ساكنا بل تعاملوا من وراء الكواليس مع ميليشيات الحوثي ومرتزقة صالح. ويرى مراقبون أن الأممالمتحدة تقوم بدور سلبي في اليمن، فرغم وجود كل الأدلة الفاضحة لاستخدام الحوثيين المدنيين دروعا بشرية والزج بالأطفال في المعارك العسكرية، إلا أن المنظمة لا تجد الجرأة لاتخاذ قرارات تدين الميليشيا، وتحملها كل المسؤولية حيال تجاوزاتها، وهو دور يضع علامة استفهام كبيرة على أداء هذه المنظمة التي ربما أنها أصيبت بالصمم أو بالشلل على أقل تقدير.