وجه المحامي والمستشار القانوني محمد الديني سؤالاً إلى من يهمه الأمر، حول موضوع الخصخصة في أنديتنا المحلية السعودية، هل هي جاهزة أم لا، كون الخصخصة تحقق رؤية المملكة 2030 في حماية الأندية من الإفلاس وتحويلها إلى قطاعات ربحية تساهم في رفع الاقتصاد الوطني، وتترتب عليها إجراءات كثيرة وبالتعاون مع كافة الجهات، وذلك خلال حواره عبر «عكاظ»، الذي وصف أيضاً عمل الاتحاد السعودي لكرة القدم برئاسة الدكتور عادل عزت ب«الإيجابي والسلبي» حتى اللحظة. كما أشار الديني إلى أن البيانات المتلاحقة التي أصدرتها إدارة نادي الشباب جميعها «بلا أثر ولا فائدة منها»، واستغرب أن تخرج من عبدالله القريني رئيس النادي كونه رجلاً متزناً.. إليكم تفاصيل الحوار: سلبيات وإيجابيات • كيف ترى عمل الاتحاد السعودي لكرة القدم؟ •• هناك جوانب إيجابية وأخرى سلبية، إذ إنه استفاد من قضايا العام الماضي، وقام بتعديلات عدة في لائحة الاحتراف بما يسد تلك الثغرات وتجويد العمل الاحترافي، وهذا يحسب للاتحاد الجديد وإذا استمر على هذا الحال صدقني سيقضي على كل الثغرات، وعلى سبيل المثال تم إلغاء تفويض مدير الاحتراف في التوقيع على العقود، إضافة لوضع حد أعلى لرواتب اللاعبين الشهرين، وتقديم كشوفات الرواتب للاعبين كل ثلاثة أشهر والكثير من التعديلات الجوهرية، أما السلبيات على سبيل المثال تأخره في اتخاذ بعض القرارات الانضباطية في القضايا الحساسة التي تسبب ضجة إعلامية كبيرة. • لايزال نادي الشباب يصدر البيانات ويهدد بتصعيد القضية إلى «كاس» والفيفا، هل فعلا تستطيع إدارة الشباب الوصول إلى ذلك؟ •• القضية انتهت تماماً بعدم رفع استئناف من الإدارة الشبابية حول قرار لجنة الاحتراف، فكل هذه البيانات لا تفيد الشبابيين والهدف منها فقط الإثارة الإعلامية أكثر من الدفاع عن حقوق النادي، وإظهار المظلومية أكثر من إظهار الحق رغم أن الإدارة فرطت في حقها أكثر من مرة، وحاليا اللاعب أصبح أهلاويا وبالمجان، وكان الأجدر بالإدارة الشبابية التعامل مع انتقال اللاعب باحترافية عالية كي تستفيد من الصفقة، إذ ضيعت على خزينة النادي ما يقارب ستة الملايين بسبب سوء التعامل مع الواقع، رغم معرفتي بأن رئيس الشباب عبدالله القريني رجل متوازن، ويستغرب أن تخرج منه هذه البيانات. • لماذا رفضت استجواب اللاعب من خلال اللجنة التي شكلها ناديه السابق الشباب؟ •• أنا لم أرفض، ولكن اللجنة التي شكلتها إدارة نادي الشباب رفضت وجودي مع اللاعب خلال جلسة التحقيق، وأنا بدوري محامي اللاعب رفضت بأن تنفرد اللجنة بالعويس والإجابة على أي استفسارات بدوني. • وهل تعاملت اللجنة التي شكلها الاتحاد السعودي لكرة القدم مع قضية العويس باحترافية؟ •• من الطبيعي أن يكون هناك شد وجذب في التحقيقات بين الطرفين؛ لأن كل طرف يرغب في أداء عمله بالشكل المطلوب من وجهة نظره، واللجنة كانت تسعى للوصول إلى حقيقة الاتهامات التي ادعى بها نادي الشباب، وكانت ردودنا عليها وفق الأنظمة واللوائح والإثباتات التي لم يقدمها نادي الشباب، واستطعنا أن نبين سلامة موقف اللاعب، وفي النهاية سواء اتفقنا أو اختلفنا كان يجب علينا أن نتجاوب مع اللجنة كونها شكلت بقرار من مجلس إدارة الاتحاد السعودي ونتعامل مع القضية بمهنية ودون اعتراضات أو تشكيك. الأنظمة أولاً • هناك من شكك في سلامة موقفك من القضية؟ •• عالم الاحتراف تحكمه أنظمة وقوانين، وغير ذلك صدقني تكون «فوضى»، فقضية العويس أو أي قضية أخرى يجب أن تطبق فيها الأنظمة أولاً، وثانياً ما يخص النادي الأهلي فلديه فريق قانوني قوي استطاع أن يدافع عنه وينفي الادعاءات، ولم يكن لي أي دور فيما يتعلق به، وأنا كان دوري الدفاع عن محمد العويس ونفي التهم التي اتهم بها من قبل إدارة نادي الشباب، ونجحت بفضل الله ولم أتطرق إلى النادي الأهلي بأي حال من الأحوال. • هل ترددت في قبول ملف القضية؟ •• بصراحة لا.. لأن إيماني بالله كان قويا ثم ثقتي بعملي ومن سلامة موقف اللاعب، وقبل تسلم القضية كنت متابعا للأحداث وهذا ساعدني كثيرا في كسب القضية ولله الحمد، رغم معرفتي بالوسط الرياضي وحدة الجماهير لأنها عاطفية ومن الصعب إرضاؤها مهما كان، لذلك طوال الفترة الماضية لم أتحدث عن القضية وفضلت الصمت؛ لأن وسطنا الرياضي لا يرضى بالخسارة، ومهنة المحاماة إضافة إلى الكفاءة تحتاج لتوفيق من الله، وهذه القضية فتحت مجالاً للجنة الاحتراف لسد الثغرات الموجودة في اللائحة وتم تعديلها، ووضع شرط توقيع رئيس النادي على عقود الاحتراف والانتقال وإلغاء التفويض لمدير الاحتراف، وتعتبر قضية العويس من أشهر القضايا، والحديث فيها سيستمر لسنوات؛ لأنها كشفت ضعف اللوائح التي كان يستند إليها اتحاد الكرة. • قضية العويس أكدت حاجة اللاعب السعودي للإلمام كامل بالقوانين، ما رأيكم؟ •• هذا صحيح.. والقانوني ستاورت مكاينيس عضو لجنة التحقيق قال للعويس: هل قرأت لائحة الاحتراف؟ في أول سؤال له في الجلسة، وهذا يؤكد أنه لا بد على اللاعبين معرفة واجباتهم في العقود التي يوقعونها، حتى ظهورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن يكون مقننا ومحسوبا؛ لأن اللاعب يعتبر قدوة وبإمكانه التأثير المباشر على شرائح كبيرة من المجتمع بكلمة أو حركة دون أن يشعر بذلك، وقانون النشر الإلكتروني الآن يعاقب على تلك التجاوزات، وشاهدنا في الآونة الأخيرة الكثير من الاستدعاءات من قبل النيابة العامة لعدد من المشاهير في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مخالفاتهم، ولكن للأسف معظم اللاعبين لا يهتمون بهذا الجانب، ويجب الحذر. تزعجهم الخسارة • اختيارك محكما في مركز التحكيم أثار ضجة إعلامية كبيرة، هل أزعجك ذلك؟ •• بصراحة لا.. لأنني أعرف تماماً الوسط الرياضي والهالة الإعلامية التي تصاحب أي قرار، وخلال متابعتي لوسائل التواصل الاجتماعي معظم المعترضين أشخاص ربطوا بين قضية العويس وتعييني محكما، رغم أن القائمة التي نشرت في الإعلام يوجد فيها محكمون لهم انتماءات لأندية معينة، وهذا ليس سراً، إضافة إلى كل الذين يعملون في القطاع الرياضي محليا وخارجيا لهم انتماءات ومن الصعب تجاهلها، والميول الرياضية ليست عيباً بل هي شيء جميل، ولكن للأسف هناك الكثير لا يتقبل ذلك وهذا شيء مؤسف، والجانب المهم الذي أحب أن أوضحه للجميع أن اختياري محكما في المركز ليس للدفاع عن طرف على حساب آخر وإنما لإظهار الحقيقة وتطبيق القانون أولا وأخيرا، ولأي طرف حرية اختيار المحكم، وليس شرطاً أن أكون أنا أو غيري في جميع القضايا التي تصل لمركز التحكيم. • إذن، ما آلية العمل في القضايا داخل المركز؟ •• أولاً يجب أن يعرف الجميع أن المحكم يختار لنزاهته وإلمامه بالقضايا وليس للدفاع عن طرف على حساب آخر كما قلت في السابق، وثانيا كل طرف من أطراف القضية يختار محكماً من طرفه ثم يختار المحكمان محكماً مرجحاً حال اختلافهما عليه، ويقوم مركز التحكيم بتعيين المرجح وفق نظام التسلسل الأبجدي، والحكم في القضايا يصدر عن طريقين: الأول بالإجماع، والثاني بالأغلبية، ويجب أن يكون عدد المحكمين فرديا للخروج بقرار في كل الأحوال، ومركز التحكيم ليس حكرا على اتحاد كرة القدم بل لكل الاتحادات الرياضية وحتى عقود الرعاية التي توقعها الأندية شرط أن تكتب في بنود العقد، والمركز يعتبر أعلى سلطة قضائية ومن الصعب تجاوزه إلا في حالة واحدة وهي أن يكون أحد أطراف القضية «أجنبيا». القوانين أولاً • كيف ترى مشروع الخصخصة من الناحية القانونية؟ •• الخصخصة في كل دول العالم مختلفة وفق أنظمة كل دولة، وعلينا أن قبل الدخول فيها، وأن تكون متوافقة مع رؤية 2030 التي أطلقها نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن سلمان، وذلك يترتب عليه إجراءات كثيرة وبالتعاون مع العديد من الجهات، إضافة إلى أن المستثمر يريد أن يعرف القوانين التي تحفظ حقوقه للاستفادة الكاملة من مرافق الأندية حتى يكون الاستثمار في الأندية الرياضية بالنسبة له مجديا ومربحا، كما أنه لا بد من تحديد سلطة الدولة على الأندية التي تملك جماهير كبيرة وحمايتها ككيانات، والتي قد تكون لدى بعض المستثمرين هي مجرد مشاريع استثمارية قد يلجأون إلى إغلاقها أو تصفيتها متى ما رغبوا؛ لذا يجب تكييف الأنظمة مع عاداتنا وتقاليدنا وبحماية من وزارة التجارة والاستثمار ووفقاً لأنظمتها؛ لأن الرياضة هي مجال استثماري ضخم سيساهم بلا شك في نجاح مشروع الدولة العام في الخصخصة إلى جانب كافة قطاعات الدولة، والبيئة الرياضية في المملكة هي بيئة جاذبة للاستثمار، ويحتاج ذلك توفير الظروف والمناخ المناسب لإنجاح الاستثمار الرياضي والتسويق له بشكل احترافي، وعلى سبيل المثال في أوروبا يتم التنسيق بين جميع جهات الدولة لإنجاح مباريات الكلاسيكو وجعلها تظاهرة ويوما ترفيهيا للعائلة. • هل بالخصخصة ستتجاوز الأندية أزماتها المالية؟ •• نعم؛ لأن الضوابط ستكون أشد وأقوى، ولن يستطيع أي نادٍ الدخول في صفقات تفوق طاقته، ولا بد من أن يكون هناك توازن بين الإيرادات والمصروفات، ولو حصل ذلك فإنه يعد تجاوزاً لمدير الشركة (رئيس النادي سابقاً) قد يحاسب عليها مالياً وجنائياً، كما أنه ستكون هناك ميزانيات سنوية معتمدة وفقاً للأنظمة التجارية وقوائم وكشوفات مالية كل ثلاثة أشهر وفقاً لأنظمة الاحتراف والتعديلات الجديدة فيه وهذا بلا شك سيحد كثيراً من ممارسات بعض رؤساء الأندية السلبية التي أدخلت عددًا من الأندية في نفق مظلم مع الديون رغم وجود نظام المسؤولية التضامنية لمجالس إدارات الأندية في لائحة الأندية ولكن للأسف غير مفعلة أو معمول بها.