لا يميز موظف مواجهة المتعاملين مع إدارته مع المراجع له، غير المنصب والمكان الذي يتواجد فيه، والكرسي الذي يجلس عليه، وللمراجع على الموظف حق الخدمة، وما يتعلق بهذا الحق من تعامل إنساني كريم، واحترام آدمي تفرضه الأخلاق والتربية والثقافة والتعليم. وللحق فإن بعض الموظفين يتمتعون بخاصية التعامل الإنساني مع الآخرين، حتى وإن لم تقض حوائجهم أو لم تنه معاملاتهم، وفي المقابل هناك فئة من الموظفين تعتقد بأن المراجع لهم «متسول» بهندام نظيف، أو صاحب حاجة لدى شخص الموظف، وليس لدى المكان والوظيفة والمسؤولية التي يمثلها، وبزيارة سريعة لأي إدارة حكومية لها ارتباط بالمواطنين أو المقيمين، سنشاهد ونلحظ تصرفات تصدر من بعض الموظفين أقل ما يمكن أن توصف به أنها غير لائقة، وهي تعامل سيئ، وغير محترم تجاه من يراجعهم، بحكم أنهم يمثلون وظائف لا مناص للمراجع من الاتصال بها، لقضاء أمره وحاجته المرتبطة بخدمة لابد وأن يحصل عليها من ذلك الموظف المسؤول عنها، والذي تحتم وظيفته عليه أداؤها كواجب يتقاضى عليه أجرا، وليس كتكرم أو تضحية منه، ولو سلمنا بهذا الانطباع العام عن بعض الموظفين، فإنه من غير المقبول أن ينسحب ذلك على الموظفين في الإدارات الحكومية التي تحولت بحكم خدماتها إلى شركات أو مؤسسات تتعامل مع الآخرين بروح «القطاع الخاص» كعملاء أو زبائن، فهناك بعض من موظفي تلك المؤسسات، لا يزال يعيش في فكرة أن «الموظف على حق» والزبون مجرد متسول طالب لخدمة يمنحها له «على كيفه»، أو كما يريد، والطامة الكبرى أن هناك فئة من الموظفين في بعض المؤسسات التي قوامها وسبب بقائها واستمرارها يعود إلى هذا «الزبون»، هذه الفئة تتعامل مع من هم السبب في توظيفهم من «العملاء» بفوقية و«شوفة نفس» يكون من نتائجها هروب «العميل» من مقدم الخدمة، سواء كان بنكا أو شركة أو محلا لبيع البطاطس. يحتاج أي موظف في أي قطاع حكومي أو خاص له علاقة بالجمهور، إلى أن يفهم بأنه وضع في وظيفته من أجل خدمة الآخرين ويُفترض أن يُختار المؤهلون تعليميا وثقافيا ونفسيا وأخلاقيا لتلك الوظائف، وأن يخضعوا لدورات مكثفة في التعامل مع الجمهور، فأنا كمراجع صاحب حق في الحصول على الخدمة التي منحني إياها النظام أو أطلبها بمقابل، كعميل وليس كمتسول. بقى أن أذكر أخيرا بأن بعض المراجعين أو الزبائن أقرب إلى المرضى النفسيين منهم إلى الأشخاص الأسوياء الذين لا ينفع مع رفع أصواتهم و«قلة أدبهم» حتى صبر أيوب.