اظن ان الكثيرين قد دخلوا الأسواق الشعبية من اجل شراء احتياجاتهم ، ولا بد ان من دخل قد لاحظ ان كل بائع ينادي على بضاعته على انها الأفضل والأرخص ويدعو الزبون الى الاستفادة من هذه الفرصة الى حد انه يبدأ بتعبئة الكيس من نوع معين قبل ان يطلب منه الزبون أي شيء . مع العلم ان ما يعرضه البائع من حيث النوعية والسعر يتوافق مع معظم ما هو معروض في السوق بمجمله . ولقد اردت من وراء سوقي هذا المثال ان اوضح ان المصارف في السعودية الأن تتعامل بنفس عقلية تاجر المفرق في الأسواق الشعبية دون ان نلحظ أي فرق بين تقديمات بنك معين مقارنة مع بنك آخر لا من حيث الحوافز ولا الحقائب الاستثمارية ولا نسب الفوائد ولا ضمانات الأرباح . وليست المصارف متشابهة فقط في حركة عملها بل تعتمد ايضاً نفس اسلوب التعامل مع موظفيها إذ يطلب كل مصرف من بعض موظفيه ان يجلب للمصرف عدداً معيناً من الزبائن خلال مدة زمنية محددة تحت طائلة الطرد من الوظيفة في حال لم يتمكن من تأمين العدد المطلوب من الزبائن . وبحسب خبرتي المتواضعة وعلاقاتي المصرفية داخل وخارج السعودية فإنني استغرب ان تصل سياسة المصارف الى هذا المستوى المتدني من التعامل مع الموظفين لأن جلب الزبائن ليست مسألة مرتبطة بالعلاقة الشخصية بين الموظف والعميل ، بل لها اصول ومحفزات ومغريات ومستويات معينة من التقديمات وقدرة على تلبية الطلبات وغير ذلك من الأمور الأخرى التي يمكن تلخيصها بالتالي : -ادارة المصرف هي التي تضع استراتيجية التعامل مع الزبائن وفق معطيات ومغريات ومستوى معين من الخدمات -ادارة المصرف هي التي تجري لموظفيها دورات تأهيلية ليتمكن الموظف من تنفيذ الإستراتيجية الموضوعة من مجلس الإدارة . -ادارة المصرف هي التي توفر الأمان والاستقرار للموظف ولا تجعله عرضة للطرد في كل لحظة لأن من شأن تهديده الدائم بالإستغناء عن خدماته ان يميت لديه روح المبادرة وان يجعله هذا الأمر مهملاً لوظيفته ودون أدنى غيرة على مصلحة المؤسسة التي يعمل بها . -ادارة المصرف ترسم للموظفين حوافز اضافية فيما لو نشطوا في إطار جلب الزبائن وخاصة ممن يملك رساميل كبيرة ، ولكن لا تهدد بالطرد من لم يتمكن من جلب زبائن . -ادارة المصرف معنية بتوظيف اصحاب الكفاءات وحاملي شهادات الإختصاص وليس اصحاب الوساطات إرضاء لمودع غني او لمسؤول ذي نفوذ . -إدارة المصرف تعي تماماً انه ضمن عمل الموظفين هناك الإداري الذي يهتم بتخليص المعاملات وهناك الإستشاري المهتم بالمشاريع وهناك الناشط في حقل العلاقات العامة الذي من مهامه جلب الزبائن الدسمين ، وهناك الاستراتيجي المخطط لمستقبل البنك ، وهناك القانوني ، وهناك المختص بسوق الأسهم ، وهناك المتواصل مع حركة الاقتصاد عالمياً ، وهناك التنفيذي ، وهناك صانع القرار ومن يملك مفتاح اتخاذه في اللحظة المناسبة . هذا هو عمل المصرف وخاصة في السعودية حيث تفيد كل الدراسات ان البنوك السعودية تحتل مكانة مرموقة وتحقق ارباحاً هائلة . ولهذا لا يحق لهذه البنوك ان تتحول الى ما يشبه الأسواق الشعبية وأن تضع على باب كل مصرف موظفا يدعو الزبون للدخول لأن في الداخل بضائع رخيصة ذات نوعية جيدة .