رب كلمة قالت لصاحبها دعني !.. فلم يدعها.. بل جعلها تورده موارد الهلاك! جالت هذه الخاطرة في ذهني وأنا أسمع شخصاً يجادل آخر في حق خاص، كان الأول يطالب به الثاني الذي ظل يعده بالوفاء به ثم يطلب منه مهلة بعد أخرى، فانطلقت على لسان صاحب الحق عبارة صعبة غير مقبولة هي «والله لو أن أبي خرج من قبره وطلب مني إعطاءك مهلة جديدة فإنني لن أستجيب لطلبه البتة»! وعلى الرغم من أن قائل العبارة قد لا يدرك فداحة معناها وأنه قد لا يعيها ولكنها انطلقت على لسانه في لحظة غضب أعمى، إلا أن من الواجب التنبيه إلى أنها عبارة غير مؤدبة وغير لائقة في حق أي إنسان غادر هذه الدنيا الفانية فكيف إذا ما قيلت في حق الأب الذي هو السبب بعد الله في وجود القائل الأرعن على قيد الحياة ولا يقلل من فداحة هذه العبارة، كونها لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع لأن «كل غائب قد يعود إلا الغائب في اللحود»، إلا أنه يكفي من يقول هذه العبارة إنه أعلن عدم مبالاته بشفاعة والده في إعطاء مهلة جديدة لو أن روح والده قد رُدت إليه، فهل تعتبر مثل هذه العبارة جائزة في حق الوالد سواء كان حياً أم متوفى، وهل قولها من البر أم أنه يدل على استعداد نفسي للعقوق، وهل خلت اللغة العربية من عبارات بديلة مناسبة يمكن لصاحب الحق أن يعبر بها عن عدم استعداده لإعطاء مُماطله مهلاً زمنية فلم يجد إلا العبارة الصادمة للمشاعر النبيلة التي تجعل اسم والده الراحل إلى الدار الآخرة مجالاً للتحدي وصلابة الرأي، وهل يكون جزاء من أنجب وربى وتعب وسهر وعلم ورعى وتحمل المسؤولية، حتى وافاه الأجل المحتوم أن يأتي من صلبه من يقسم بالله أنه لن يتراجع عن مطالبه حتى لو خرج والده من القبر وجاءه شفيعاً في أمر دنيوي رخيص ؟! ويكون إطلاق مثل هذه العبارة أشد وأنكى وأوسع تأثيرا عندما يطلقها إنسان مأمن خلال منبر إعلامي خلال تحديه الفج وصراعه المرير من أجل عدم الاستجابة لطلبات من يَرَون أن بقاءه في موقعه الإداري أو الفني أو الرياضي وبالا على ذلك الموقع، وقد ينتقل ما قاله عن الأثير إلى خارج وطنه فيعطي صورة سلبية عن أخلاق وقيم من ينتمون إلى ذلك الوطن. وأعود للتأكيد على أن معظم من يطلق هذه العبارة أو ما هو مماثل لها من العبارات التي لا يلقى لها بالاً يطلقها دون تدبر أو تفكير في معناها ولذلك وجب التنبيه، فلعل هناك من يتذكر أو يخشى!. [email protected]