بعد انتشار الهاتف الجوال أصبح صاحبه يعرف رقم المتصل، فإن شاء في الأحوال العادية الرد على المكالمة وإن لم يشأ لأي سبب كوجود خصومة أو موقف تجاهل الرد عليها، وقد يجد من يعذره لتجاهله الرد في مثل هذه الأحوال وقد لا يجد من يعذره بحجة أن من واجبه الرد ومواجهة خصمه برأيه في أفعاله لأن في ذلك شجاعة أدبية... ولكن التجاهل الذي لا يعذر للمكالمات الواردة على الجوالات هو ذلك التجاهل الصادر من أشخاص أو شخص ما يكون في ذمته حقوق مالية لمن اتصلوا به ليطلبوا منه تحديد موعد صادق لرد تلك الحقوق فتجده كلما رأى أرقام جوالاتهم تجاهلها حتى لو تكرر الاتصال به عدة مرات ولعدة أيام وفي أوقات وساعات مختلفة، وفي هذه الحالة فإن عدم رده على اتصالات أصحاب الحقوق لا يمكن تفسيره إلا بأنه نوع من المماطلة والتسويف في رد تلك الحقوق بل والسعي إلى أكل أموال الناس بالباطل، وليس بمقدوره الاعتذار عن عدم الرد بأنه كان مشغولاً أو نائماً أو أن جرس الهاتف على الصامت لأنه لو كان صادقاً فيما يدّعيه لرد على ما سجله هاتفه الجوال من مكالمات فائتة ولكن لأنه متهرب من دفع حقوق الآخرين وربما «نصاب محترف» وفاقد للحياء فإنه قد لا يأبه بتقريع أصحاب الحقوق إذا ما قابلهم أو استطاعوا الوصول إليه بعد جهد، وربما تبسم في وجوههم ابتسامة صفراء وزعم أن الحياء السلبي الذي يستخدم وسيلة للمماطلة وإضاعة الحقوق .. لقد قدمت خدمات الهاتف الجوال بعض التطبيقات التي أريد منها تسجيل المكالمات الفائتة للرد عليها فوراً أو بعد حين وتجاهل ما لا يستحق الرد، ولكن بعض النصابين والمتهربين من أداء الحقوق استخدموا تلك التطبيقات ليسمع المتصل عبارة أن الرقم المطلوب لا يمكن الاتصال به وكأنه مغلق مع أن صاحب الهاتف مطلع على رقم المتصل وذلك حتى ييأس صاحب الحق فينصرف عن المطالبة بحقه أو يتقدم بطلبه إلى المحكمة ليبدأ خصمه في التخطيط لسلسلة من المماطلات والادعاءات التي قد يحتاج حسمها لشهورٍ أو سنواتٍ فإن استطاع أن يحصل على صك ضد هذا النصاب فإن عملية القبض عليه قد تحتاج إلى خطط وكمائن وصدق الشاعر عندما قال: إذا جئتَهُ للعُرفِ أغلقَ بابَهُ فلم تلقَهُ إلاَّ وأنتَ كمينُ !! [email protected]