Al_robai@ أثار وصف الكاتب العراقي فالح عبدالجبار رواية عبدالرحمن منيف بأنها سيرة السجين العراقي والوزير السابق حيدر الشيخ جدلاً في أوساط الروائيين العرب، وذهب البعض إلى أن السرد عملية إبداعية تختزن الواقع وتعيد إنتاجه على طريقتها، إذ يؤكد الروائي الأردني جمال ناجي أنه يجوز للروائي تحويل سيرة ذاتية أو شخصية إلى عمل سردي، ولكن تحت أي تصنيف؟ ويجيب ناجي: إذا كان العمل السردي مجرد سيرة ذاتية فالأمر بسيط، وفي هذه الحالة يتوجب أن يكتب على الغلاف (سيرة ذاتية)، أما إذا كان العمل السردي إبداعيا ومستندا إلى سيرة ذاتية فإن الأمر برمته يصير مختلفا، لأن الروائي سيخضع السيرة الشخصية إلى الشرط الإبداعي، بمعنى التحرر من ضغوطات المعلومات والأحداث العادية، والانتقال بالعمل إلى مرحلة التحليق وخلق المفارقات وابتداع أحداث إضافية تدعم المسارات الروائية. وأضاف ناجي: «في تقديري أن النتيجة ستكون - في هذه الحالة - ستكون عملاً إبداعيا مختلفا عن السيرة الأصيلة، لكن بذور تلك السيرة موجودة فيه»، موضحاً لتقريب المثال أنه إذا نظرت إلى ورقة الشجرة فلن ترى فيها لا ماء ولا أوكسجين ولا أشعة شمس، وكل ما تراه هو ما تم خلقه أو إبداعه، أعني ورقة الشجرة، عبر عملية التمثيل الكلوروفيلي، إلا أن عناصر خلقها تتمثل في: الماء والأوكسجين وأكسيد الكربون وأشعة الشمس. فالسيرة هي العناصر والإبداع هو الورقة كما يرى. فيما يذهب الروائي أحمد الدويحي إلى أنه من الطبيعي أن تحضر السيرة الذاتية في العمل السردي، وقال طبعا - وهل تعرف أن بطل (الرهينة) ليس المؤلف (دماج) بل ابن عمه؟ إلا أنه ليس ضرورياً أن تكون السيرة الذاتية هي السائدة؛ لأن الروائي ينهل من العالم المحيط به. ويؤكد الدويحي أن رواية «الآن هنا»، للروائي الكبير الراحل عبدالرحمن منيف رواية تسجيلية، وتخرج عن سياق نتاجه الأدبي الجميل، كالأشجار واغتيال مرزوق أو مدن الملح الذائعة الصيت، لكونها تندرج تحت ما يسمى بأدب السجون، وأحسب أنها رواية متفردة ولم أجد في الروايات العربية ما يماثلها دهشة وعمقا في هذا الجانب إلا رواية الراحل عابد خزندار (الربع الخالي) كونه كتبها عن تجربة، وحملت جانباً من السيرة الذاتية، بينما رواية الآن هنا لمنيف رواية تسجيلة ولها طابع ومواصفات كتابية أخرى تتكئ على الحوار أكثر من الحالة السردية بكل ما تحمله من تفاصيل. وأضاف الدويحي أن ظهور بطل عمل ما بعد هذه السنين ليعلن عن وجوده لا يؤثر على القيمة الفنية للعمل، فالرواية كما هي فن الخيال، وعالم مواز للواقع، والروائي لا بد بالضرورة أن ينهل من واقعة، ولعل المتابع كان يظن أن بطل رواية (الرهينة) هو كاتبها مطيع دماج، لتكشف لنا الأنباء موت بطلها الحقيقي الذي لم يكن إلا ابن عمه رئيس اتحاد الكتاب اليمنين، ووصف ما يثار عن رواية منيف بزوبعة وافتعال في الوقت الضائع بعد رحيل كاتبها، والرواية مستقاة من فضاء أحد السجون العربية وما أكثرها، وخرج إلى بلغراد ليتعالج من آثار التعذيب بدنياً ونفسيا، وقدم لنا في النهاية ملحمة إبداعية لأدب يظل محدوداً في الآداب العربية. فيما تتفق القاصة فوزية العيوني مع الدويحي وناجي إلا أنها قالت يجوز بلا شروط المهم أن تكون ثرية وممتعة ومفيدة. وأضافت: إن للمؤلف أدواته الفنية التي ينتج بها عملاً مدهشاً مثل رواية منيف (الآن هنا)، واستعادت استفادة معجب الزهراني في رواية رقص من سيرة ذاتية وكانت فاتنة كما وصفتها.