كمن يدهمه الحياءُ من الله على حين غرة. تقف شريحة مجتمعية عريضة موقف الصمت المريب، إزاء أخطاء الصحويين، وخطاياهم، وتجاوزاتهم في حق النص الديني المقدس وحق الوطن والمجتمع. ولو فطن المجتمع لما ارتكبته الصحوة في حقه من حماقات كبرى تقهقرت به إلى الوراء عشرات السنوات لكان موقفه أكثر حزما. أقلّها عدم تصديق ادعاءاته الزائفة، والوثوق بدموع التماسيح التي يذرفها بعض مؤثريه استدراجا للجماهير المغلوبة على أمرها. لم يكن يوما ما يعني رموز الصحوة الأمن ولا العدل ولا سمو الأخلاق ولا تهذيب الوجدان ولا الإصلاح ولا مدنية المجتمع قدر ما يعنيهم ما يحققون من سلطة وسطوة، وما يجنون من حظوة جماهيرية على حساب القيم العليا لهذا الدين. وقلّ ما وقف التيار الصحوي مع الدولة موقفا مشرفا. إنه تيار يعمل بوجهين. وتقوم أدبياته على الازدواجية، عندما يستشعر الخطر يبدأ مفوهوه بتبني خطاب معاضد للدولة، بينما يظل لهم خطابهم المستتر فيما بينهم القائم على العمل لمشروع (خلافة) على منهاج النبوة. بعض هذه الرموز الصحوية (الزاحفة) لا يتورع عن الكذب؛ فهي في خطابها الجماهيري المدلس تدّعي التقشف، وتغلّب جانب براءة الذمة، والتورع عن الشبهات والمشتبهات، إلا أنها عمليا تتقبل الفوائد البنكية وتوظفها بكل أريحية، بل وتحتفظ بأرصدة في بنوك أجنبية تموّل كل دانات وحانات الترفيه مطعوما ومشروبا وملبوسا ومرئيا وملموسا. ليس بدعا ما يمارسه فريق الصحوة من صفاقة باسم الدين، وكثيرا ما أستندُ على سياق تاريخي، ولنسترجع مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يتلو آيات كريمة من القرآن المفتوحة دفتيه بين يديه. ونتساءل لماذا قُتل؟ وهل كان الدافع دينيا؟ وما هي المبررات لسفك دم خليفة المسلمين؟ منذ أربعة عشر قرنا وهم يسفكون الدماء ويستحلون المال من أي وجه، ويوسعون لأنفسهم دائرة المباحات؛ إذ في منازلهم من الشغالات الحسناوات من لا تلتزم بحجاب ولا تحذر من خلوة. وكل هذه التصرفات المذمومة شرعا مسكوت عن إنكارها كونها صادرة عن (شيخ) يتقن الزيف والتضليل. الصحوة تعمل بأكثر من وجه والنبي عليه السلام ذمّ ذا الوجهين. وقال هو من شر الناس.