قناعة تزداد تجذرا في أعماقي ولعلها تكون خاطئة، لكن تفسيري للأمر ناتج عن أنّ فراش الأرض الوثير يشغل الشعر بالرصد الفوتوغرافي. صحيح أنّه ينتج شعرا رقيقا، وربما حالما، غير أنه لا يصل إلى مستوى الرمز والأسطورة حتى ينغمر في صلابة الأرض وقسوتها ويعيش معاناة جيولوجي تذهب به الأحافير والسراديب مذاهب شتى، تذهب به بعيدا في قعر الأرض وقيعان الآبار وأحشاء الكهوف الموحشة، وأحسب أن للأرض أو للطبيعة، كما للإنسان، وعيا ولا وعيا. وعي الطبيعة هو هذا السطح الظاهر من أشجار وأنهار وحياة مترفة، ولا وعيها في كهوفها وقيعانها وسراديبها وتلك الظلمات الجيولوجيّة السحيقة بعيدة الغور، ولأنّ الشعر لغة اللاوعي أو اللاشعور، فكذلك الأثر العميق ينبغي أن يأتي من أقصى ذاكرة الأرض. ثمة، في ظني، خلط بين الأثر والمحفّز. الطبيعة الخلابة قد تكون محفّزا لكنها ليست أثرا، وعندما تتحوّل إلى أثر نقرأ هذا الشعر الرقيق غير العميق، الشعر الذي يرصد ملامح الطبيعة كأيّة عدسة لا قطة خلفها بصرٌ لا بصيرة!.