من أغرب المواقع السياحية التي زرتها في حياتي «كهوف الثلج» خارج قرية هولشتات في النمسا. وهي كهوف حفرها الجليد عبر ملايين السنين وتضم صواعد وهوابط بالغة الجمال (خصوصاً تحت الإضاءة الخاصة).. كما اتيحت لي - في نفس العام - فرصة التجول داخل كهوف الملح جنوبألمانيا. وهي كهوف متشابكة حفرها الإنسان القديم واستعملها الألمان خلال الحرب العالمية الثانية كمصانع سرية للطائرات (ويوجد في قعرها بحيرة يمكن قطعها بالقارب)!! .. وما ذكرني اليوم بهذا الموضوع هو إحصائية ظهرت مؤخراً من منظمة السياحة العالمية تشير إلى ارتفاع نسبة الاهتمام بالسياحة البرية ورحلات المغامرات وعجائب الطبيعة.. فخلال الخمس سنوات الأخيرة اتضح ان عدداً متزايداً من السياح أصبحوا يفضلون الابحار في نهر الأمازون أو ركوب قافلة في الصحراء الكبرى - أو حتى مطاردة الزرافات في كينيا - بدل التسكع في أسواق لندن أو زيارة متاحف باريس. ولأنني شخصياً أميل لهذا النوع من السياحة لم أستطيع إخفاء سعادتي بهذا التوجه الجديد!! وتعد زيارة المغارات والكهوف والأنهار الجوفية متعتي المفضلة - خصوصاً حين أضمن الخروج منها سالماً -.. وبدون مبالغة أستطيع ان أحدثك لساعات عن هذا النوع من السياحة بعضها جربته بنفسي والآخر قرأت عنه حتى «القاع».. فعلى سبيل المثال يوجد على بعد 80 كلم جنوب تولوز في فرنسا نهر جوفي رائع يدعى لابوتشي (يعتبر الأطول من نوعه في أوروبا). ومصدر الروعة ليس في الكهف ذاته بل في إمكانية الابحار بالنهر الجوفي لعدة ساعات تحت الأرض! كما أتيحت لي فرصة زيارة شلالات نياجارا من الجهة الكندية بما يتضمنه ذلك من الدخول في كهوف وانفاق تحت النهر مباشرة - حيث توجد مطاعم ومحلات حفرت في الصخر.. وتنتهي معظم الانفاق إلى خارج الجبل حيث توجد شرفة كبيرة تتيح للزوار مراقبة الشلالات (من خلفها)! أما أغرب شلالات رأيتها في حياتي فهي ترمبل باتش في وادي لتربرننج في سويسرا. فهي عبارة عن نهر يتدفق (داخل الجبال) ويضم مجموعة من المساقط العميقة. وتكمن غرابة الشلالات في أنها غير مرئية من خارج الجبل - حيث يسير النهر في باطنه ويحفر لنفسه انفاقاً متعرجة داخلية حتى يغوص نهائياً في أعماق الأرض! أيضاً هناك كهوف نياه في سرواك في ماليزيا التي تعد واحدة من أكبر الكهوف في العالم. وتشير الحفريات والرسومات إلى استيطان الإنسان فيها قبل 40000 عام وتحاط أهم الأحافير فيها بسياج خاص! على أي حال أرجو الاّ تفهموا أنها شجاعة حقيقية أو مغامرة تتطلب جهداً رياضياً أو اعداداً خاصاً فالأمر لا يتطلب غالباً أكثر من سؤال المكتب السياحي (أو ربما موظف الاستقبال في الفندق) عن وجود رحلات منظمة لهذا الكهف أو ذاك. أما إن سألتني عن أغرب الكهوف التي أتمنى زيارتها مستقبلاً فسأختار ثلاثة بلا تردد: ٭ الأول كهف (أو لنقل) كهوف الماموث في ولاية كنتاكي كونها أطول نظام كهفي معروف في العالم. فهي تمتد تحت الأرض ل 300 كيلومتر وتضم - بالإضافة للأسواق والمطاعم - بحيرات وغابات وشلالات وقرى هندية قديمة! ٭ أما الثانية فهي مغارات لاسكو بفرنسا التي تستمد تميزها من صور زيتية رائعة رسمتها قبائل عاشت فيها قبل التاريخ المعروف للبشر - ما زالت تضم شيئاً من بقاياهم وأدواتهم الأصلية! ٭ وأخيراً، هناك مغارة جعيتا - شمال بيروت - التي تعد المصدر الأساسي لنهر الكلب في لبنان. وهذه المغارة تتكون من مستويين أو طابقين حقيقيين - اكتشف الأول عام 1836 والثاني عام 1969م.. وحسب ما سمعت، تبدأ المتعة بالصعود بالتلفريك ثم ركوب القارب النهري نزولاً حتى المستوى السفلي والخروج مع تيار النهر.. (يعني حاجة مهضومة كتير)!!