يعيش مسلمو مدينة "بواتييه" الفرنسية حالة صدمة بعد إقدام شباب متعصبين ينتمون لمنظمة يمينية متطرفة باعتلاء سطح مسجد في طور الإنجاز، للتعبير عن رفضهم قرار بناء هذا المسجد. يحدث هذا في أعقاب إشراف وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس قبل أيام، على تدشين أكبر مسجد في فرنسا بمدينة ستراسبورغ، وحضر التدشين ممثلون عن الديانات الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية. وحظي التدشين أيضا باهتمام إعلامي ضخم، كونه يشير إلى سعي الحكومة الفرنسية لمنح مزيد من الحقوق للجالية المسلمة، ولكبح جماح التطرف اليميني ضد هذه الجالية. لكن ما قامت به منظمة "جيل هوية" المتطرفة، السبت الماضي، بصعود عناصر ينتمون إليها سطح مسجد يقع في مدينة"بواتييه" جنوب غرب فرنسا، أثار الشكوك في مدى سيطرة الحكومة الفرنسية على المنظمات اليمينية المتطرفة. أعمال تخريب وحركة دؤوبة في الليل عناصر المنظمة المتطرفة فوق سطح مسجد بواتييه وبث التلفزيون الفرنسي "فرانس تروا" فيديو يظهر بعض زعماء هذه المنظمة المتطرفة المسماة "جيل هوية"، وهم شباب، يقولون أنهم الجيل الجديد لفكرة قديمة. كما أظهر اللتفزيون الفرنسي صورة هؤلاء وهم يتظاهرون فوق بناية المسجد التي كتبت عليها شعارات مناهضة ومعادية للمسلمين. وتقول إحدى اللافتات المرفوعة :"شارل مارتل قضى على العرب في بواتييه سنة 732"، و"فرنسا للفرنسيين" و"لا للهجرة-استفتاء". وفي الفيديو نسمع أحد هؤلاء المنتمين لجمعية "جيل هوية" يقول : "إنه ليس مجرد تحرك بسيط، إنه إعلان حرب". ويقود المجموعة الشبابية شاب يدعى فيليب فاردون ويبلغ من العمر 29 سنة، وهو قائد فرقة غناء تؤدي طابع الروك. وسبق لهذه المجموعة الشبابية المتطرفة أن قامت بعدة أعمال انتقامية ضد المسلمين في فرنسا، حيث اعتدى عناصرها على مقاهي مسلمين ومحلات، وعمدوا في إحدى المرات عام 2011 على نشر وتوزيع ملصقات في شوارع مدينة "سان مارتان لوفيرو"، تقدم أسماء من قبيل "شارع الشريعة"، و"شارع البرقع"، و"شارع الحلال"، وذلك للتنديد ببناء مسجد هناك. ومن المثير أن عناصر المنظمة المتطرفة يقومون بأعمالم هذه ليلا، حيث يتفاجأ سكان الأحياء المسلمة في الصباح دائما بلافتات عدائية، قبل أن يصدموا السبت الماضي، وهم يرون عشرات الأشخاص في الصباح الباكر يعتلون بناية مسجد "بواتييه". الحكومة تدرس قرار حل المنظمة وفي سياق ردود الفعل على ما قام به شباب هذه المنظمة المتطرفة، علّق رئيس المرصد الفرنسي المناهض لمعاداة الإسلام، الجزائري عبد الله زكري، بقوله إن أشخاصا من اليمين المتطرف المعروف بمعاداته للإسلام، اجتاحوا في الصباح أعلى بناية هذا المسجد". وأدان زكري هذه العملية العدائية التي "يرتكبها المتطرفون القادمون من كل أنحاء فرنسا لنشر حقدهم ومعاداتهم للإسلام، مرة أخرى"، مؤكدا أن "مؤسسته تواصل متابعة باهتمام سير هذه الأحداث وتطلب من السلطات وضع حد لها في أسرع وقت ممكن". وأمام خطورة العمل الذي قامت به منظمة "جيل هوية"، تدرس الحكومة الفرنسية حل هذه المنظمة المتطرفة بعدما وضعت أربعة من قياداتها تحت المراقبة، الاثنين الماضي، بحسب ما أوردت وسائل إعلام فرنسية. لكن قرار حل المنظمة يواجه انتقادات شديدة من قبل اليمين المتطرف، بقيادة مارين لوبان،رئيسة الجبهة الوطنية، حيث أعلنت دعمها لنشاط هؤلاء الشباب الرافض لتحول فرنسا إلى بلد مسلم.