استضافت العاصمة الفرنسية باريس يوم الأحد الماضي 18 ديسمبر أول مؤتمر أوروبي مناهض لانتشار الإسلام في أوروبا، وهو المؤتمر الذي قامت بتنظيمه مجموعة من المنظمات والأحزاب اليمينية والشخصيات المعروفة على بعدائها للإسلام. وعن الجهة التي تنظم المؤتمر والدافع وراء ذلك، تقول صحيفة اللوموند الفرنسية: تقف مجموعة (كتلة الهوية) بتنظيم هذا المؤتمر تحت شعار (محاربة الأسلمة)، والكتلة هي مجموعة شبابية قريبة من الجبهة الوطنية المتطرفة في فرنسا، ويتبنى هذا التنظيم العديد من الشعارات المعادية للأجانب وخاصة المسلمين. وفي رد فعل على إقامة هذا المؤتمر قامت مجموعات مدنية مناهضة للعنصرية في فرنسا بتسيير مظاهرات منددة بالمؤتمر ومنظميه، كما قام تنظيم (الائتلاف ضد الإسلاموفوبيا) بتوجيه رسالة إلى العديد من المنظمات الحقوقية في فرنسا من أجل التوقيع على بيان جماعي يطالب بوقف تنظيم هذا المؤتمر. كما قامت العديد من المنتديات الشبابية المسلمة أو المحسوبة على اليسار في فرنسا بالدعوة على منتديات الحوار والمواقع الاجتماعية على الإنترنت إلى مقاطعة المؤتمر. وقالت رسالة تم تثبيتها على تلك المنتديات: “هو مؤتمر لعنصريين لا يخفون عداءهم لدين الإسلام ولرموزه بصورة مكشوفة، وليس للتشدد الإسلامي الذي يتخذه منظمي الندوة كذريعة”. وتربط اللوموند بين تنظيم المؤتمر وانتشار مظاهر الإسلاموفوبيا في الغرب مع تصاعد نفوذ اليمين المسيحي المتطرف في كثير من الدول الأوروبية، وتقول: يأتي انعقاد مؤتمر مقاومة الأسلمة في العاصمة الفرنسية باريس في الوقت الذي يشهد اليمين المتطرف انتعاشة غير مسبوقة في أوروبا، حيث تمكن نواب ينتمون إلى هذا التيار في كل من هولندا وبريطانيا والسويد من الدخول إلى البرلمان لأول مرة في تاريخ هذه البلدان. وقد استطاع اليمين المتطرف في سويسرا قبل نحو العام تمرير مبادرة شعبية لحظر المآذن اعتبرت من قبل غالبية المراقبين معادية لحقوق الآنسان ولحرية التدين بشكل عام. وعن اختيار العاصمة الفرنسية مكانًا لانعقاد المؤتمر تشير الصحيفة إلى أن ذلك يعود إلى أن فرنسا هي أكثر الدول الأوروبية تشددًا تجاه المسلمين، لا سيما في ظل حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي، حيث قامت هذه الحكومة بإصدار قوانين تحرم ارتداء الحجاب والنقاب في الأماكن العامة، وانتشرت في عهدها التصريحات المعادية للمسلمين التي باتت تصدر من مسؤولين رسميين لا يخفون معاداتهم للإسلام وجميع شعائره. وتشير الصحيفة إلى تطاول مارين لوبن، المرشحة الأوفر حظًا لخلافة والدها جان ماري لوبن على رأس اليمين المتطرف في فرنسا، على الركن الثاني من أركان الإسلام، حين شبهت الصلاة التي يؤديها المسلمون في شوارع فرنسا ب “الاحتلال النازي”. وكانت لوبن قد قالت لوكالة الأنباء الفرنسية: أداء المسلمين لصلاتهم في الشوارع هو احتلال واضح. هناك أحياء كثيرة في عاصمتنا تطبق فيها الشريعة، وبالتأكيد ليست هناك مدرعات ولا جنود، لكنه احتلال بحد ذاته وهو يلقي بثقله على السكان. وقد أثارت هذه التصريحات استنكار جميع ألوان الطيف السياسي الفرنسي، حيث وصفها بنوا هامون المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي بأنها عنصرية وأن اليمين الفرنسي لم يتعلم من تجاربه، كما قال جان فرانسوا كوبيه، الأمين العام للحزب الرئاسي بأن لوبن تسير على خطى والدها وتستخدم نفس تقنياته ونفس تصريحاته. وأنها تؤجج المخاوف والأحقاد وتتوسل وسائل عنصرية.