أدّى إلغاء الإشارات المرورية بمدينة جدة مؤخرا، إلي تقليص أعداد المتسولين والباعة الجائلين الذين اتخذوا ولفترات طويلة إشارات المرور الضوئية الواقعة على مختلف تقاطعات الشوارع الحيوية، مكانا لاستعطاف المارة وأصحاب المركبات أو موقعا لبيع السلع والبضائع بمختلف أشكالها وأنواعها. وشهدت جدة خلال الأيام الماضية إلغاء 13 إشارة مرورية كانت متوقفا لشوارع رئيسية، فيما يجري العمل حاليا على إلغاء 7 إشارات أخرى بحسب تصريحات إدارة المرور بجدة، وذلك بهدف خلق أجواء من الانسيابية في حركة المركبات وتحرير الشوارع من الازدحام والاختناقات المروية في أوقات الذروة. وتمر مدينة جدة منذ خمس سنوات بحركة تغيرات جذرية في تركيبة شوارعها وطرقاتها، غيرت معالمها و تسببت في إزاله العديد من المجسمات والميادين الشهيرة التي ارتبطت على مدى 30 عاما بأذهان ساكني المدينة وزوارها، حيث تمت الاستعاضة عنها بالأنفاق والجسور الحديثة، وذلك بغرض توسيع الطرق وتخفيف حدة الازدحام. تكدس في إشارات أخرى وفي الوقت الذي اختفى فيه التسول من قارعة الطريق، بسبب اختفاء الإشارات التي ظلت طوال العام تمركزا مهما للمتسولين من كل الأعمار لاسيما في رمضان، رصدت جولة ل"العربية.نت"، انسحاب بعض مرتادي تلك الإشارات نحو أماكن التسول التقليدية كالأسواق وأبواب المساجد، في حين فضل آخرون التوجه نحو الإشارات المتبقية وهو الأمر الذي تسبب في تكدسهم، فيما ظهرت أساليب جديدة للاستجداء واستدرار عواطف المارة بعد تضاعف أعدادهم في تلك الإشارات. أما الباعة الجائلين والذين حولوا إشارات المرور إلى أشبه ب (سوبر ماركات) مفتوح، فقد لجأ بعضهم إلي الشوارع المزدحمة و مداخل الأسواق ومخارجها والتي عادة ما تشهد بطئا في حركة المركبات مما يتسنى للجائلين إجراء عمليات البيع والشراء، فيما تنوعت السلع المباعة ما بين الورود وألعاب الأطفال والمياه المعبأة واكسسوارات السيارات، لتصل أحيانا للشنط والأحذية والملابس الجاهزة من العلامات التجارية المقلدة. المُشاة في ورطة وبينما ساهم إلغاء الإشارات في تقليص عدد المتسولين والباعة، إلي جانب خدمة أصحاب المركبات، إلا أنه أدى إلى معاناة القاطنين على دفتي تلك الطرق والذين كانوا يستغلون الإشارات للعبور من شارع إلى آخر، إذ تسبب إلغاؤها في عدم قدرة السكان على عبور الطرقات مطالبين بضرورة عودة الإشارات المرورية إلى بعض المواقع المهمّة، حفاظًا على سلامتهم، ورفعًا للمعاناة التي يعانونها. إلى ذلك، قال د.عبد العزيز النهاري، المستشار الإعلامي بأمانة مدينة جدة، إن سياسة إلغاء الإشارات أفلحت إلى حد كبير في فك الاختناقات المرورية بالمدينة، نافيا في حديث خاص ل"العربية.نت" أن يكون الإلغاء قد رحل المشكلة إلى أماكن أخرى، موضحا أن سياسة الإلغاء تتم وفق دراسات ميدانية يتم من خلالها مقارنة عدد المركبات التي تلتف من الإشارات مع التي تسلك الطريق مباشرة، وبالتالي يعتبر إيجابيات إغلاق الإشارة أكثر من سلبياته. وفيما يتعلق بعدم قدرة المُشاة من عبور الطرقات، أوضح د.عبدالعزيز النهاري أن دراسات تجري حاليا بهدف تحديد السرعة المناسبة للمركبات على تلك الشوارع، مبينا أن الأمانة بصدد إنشاء عدد من جسور المشاة بين دفتي الطرق الحيوية والتجارية والتي تشهد كثافة في المشاة على جانبيها لضمان سلامة العابرين، مؤكدا أن الأمانة ستبذل المزيد من الجهد لجعل المدينة بدون اختناقات مرورية وأن سياسة الإلغاء أعادت الانسيابية والهدوء إلى بعض الشوارع بنسبة 80%.