نجران من مناطق المملكة التي حباها الله سبحانه وتعالى بكثير من المقومات الهامة لعل أبرزها تلك الآثار الضاربة في القدم والتاريخ والتي يلفها الغموض أحيانا ودقة الوضوح أحيانا أخرى ولكي نفهم دلالتها لابد لنا أن نرجع للعبارات المنحوتة وترجمانها مما سجلته أيدي الأوائل من كتب وفن منقوش على الأشجار والصخور تلك التي تنطق وتظهر لنا كمتحف طبيعي وتاريخي مليء بالأخبار والأدلة . ومن المواقع الاثرية بمنطقة نجران مدينة الأخدود حيث تعد من الداخل شكلاً أثرياً جميلا وقد يكون غريبا أيضاً لمن يزورها بل إنها وبلا شك فرصة سانحة لمن يقوده الفضول لأشكال الحياة في الأمم السابقة وكذلك لمن يريد العظة والعبرة في خيوط ذاك التاريخ . ومن المعالم التي تستوقف الزائر لمدينة الأخدود الأثرية ( حجر الرحى ) الذي ما زال يشكل لغزاً للباحثين والسائحين من حيث ضخامته وموقعه داخل السور. يبلغ قطر الرحى مترين وارتفاعها مترين, حجرين بيضاء وحمراء تتوهج تحت أشعة الشمس كلما جاء الشروق وكلما توجهت شمس العصر بالرحيل خلف جبال الأخدود تاركة بقية الألغاز إلى الليل الهادئ بأشجار الأراك المترامية حول الرحى التي تحوم حولها الدلائل بأنها كانت تستخدم لاستخراج الزيوت وطحن الغلال عاكسة بكل ما فيها من جمال وحس هندسي كان يتمتع به أصحاب الأخدود القدامى . وعلى صنو ( حجر الرحى ) الأخدودية العملاقة كانت الرحى مستمرة في أكف النجرانيين وإن كانت بحجمها الصغير المتعارف عليه حديثاً إلا أن هذه الرحى كانت ولفترة قريبة الطاحونة التي لا يخلو منها منزل في نجران حيث يطحنون بها الحبوب ويستخرجون بها الزيوت بعد العصر الذي يدار به قطب الرحى العلوي على قطبه السفلي وكأنه يدير التاريخ دفة أخرى لعلنا نقرؤه من جديد .