تعد منطقة نجران من المناطق التي تحظى بالعديد من الآثار التاريخية المهمة الضاربة في القدم، ويلفها الغموض أحيانا ودقة الوضوح أحيانا أخرى، الأمر الذي يحتاج إلى قراءة نقوشها المنحوتة وترجمتها. ومن المواقع الأثرية بمنطقة نجران مدينة الأخدود، حيث تعد من الداخل شكلا أثريا جميلا، وقد يكون غريبا أيضا لمن يزورها، بل إنها وبلا شك فرصة سانحة لمن يقوده الفضول لأشكال الحياة في الأمم السابقة وكذلك لمن يريد العظة والعبرة في خيوط ذلك التاريخ. ومن المعالم التي تستوقف الزائر لمدينة الأخدود الأثرية «حجر الرحى» الذي يبلغ قطره مترين وارتفاعه مترين أيضا, وهما حجران أحدهما أبيض والآخر أحمر يتوهجان تحت أشعة الشمس كلما أشرقت وكلما استعدت للرحيل خلف جبال الأخدود، تاركة بقية ألغاز المدينة إلى عتمة الليل الهادئ المفعم بروائح أشجار الأراك المترامية حول الرحى. وتشير الدلائل إلى أن حجر الرحى كان يستخدم لاستخراج الزيوت وطحن الغلال، ويعكس في الوقت نفسه ما فيه من جمال وحس هندسي كان يتمتع به أصحاب الأخدود القدامى. وعلى صنو «حجر الرحى» الأخدودية العملاقة كانت الرحى مستمرة في أكف النجرانيين، وإن كانت بحجمها الصغير المتعارف عليه حديثا، إلا أنها كانت ولفترة قريبة بمثابة الطاحونة التي لا يخلو منها منزل في نجران، حيث يطحنون بها الحبوب ويستخرجون بها الزيوت.