في دراسة علمية جديدة نشرتها مجلة العلوم الأمريكية (2010)، العلماء يقولون إن غسل اليدين يمكن أن يساعد الناس قولاً وفعلاً بتنظيف أنفسهم من مخاوف وقلق القرارات التي اتخذوها سابقاً، على الأقل بصورة مؤقتة. قد يبدو هذا كاماً غير علمي، ولكن الناس يغسلون أيديهم مرات عدة في اليوم للتخلص من البكتيريا والجراثيم التي علقت بأيديهم لسبب أو آخر، وأن يرتبط هذا بحالتهم العقلية.. فهذا ليس وارداً على الإطلاق بحسب الاعتقاد. على أن الباحث سبايك لي من جامعة ميتشغان يوضح أن هذا السلوك الرمزي لغسل اليدين إنما له ارتباطات ثقافية. لقد وجدت دراسة أجريت في العام 2006، ونشرتها مجلة “ساينس” أن غسل اليدين يمكن أن يساعد الناس في تحسين شعورهم تجاه سلوك غير أخلاقي ارتكبوه في وقت سابق. ويقول الباحث الأمريكي: “عندما يرتكب الناس أفعالاً سيئة، فإنه يشعرون بأنهم ارتكبوا خطيئة ما في الماضي وبقيت ذيولها معلقة في أيديهم.. وعن طريق غسل أيديهم، فكأنهم يغسلون هذه الخطيئة وهذا الماضي.” تقول الدراسة أن غسل اليدين يساعد الناس في التخلص من آثامهم والنظر في خيارات أخرى قرروها وكانت أكثر إيجابية، كما لو كانوا يزيلون عبء قرار اتخذوه في الماضي. ويقول العلماء: “ينبغي كذلك توقع أن الغسل الحقيقي بالماء أزال ما كان يؤرقهم في الماضي سواء أكانت قرارات أو تصرفات لا أخلاقية، وهو ما كنا قادرين على إظهاره من هذه التجارب. الفكرة الأساسية هنا أن الإنسان يميل إلى تجربة ما يسمى ب”التنافر المعرفي”، وهو شعور غير مريح يأتي جراء توارد أفكار متناقضة في الوقت نفسه، ويفعلوا ما بوسعهم للتقليل من الشعور بعدم الراحة تجاه هذا الأمر. على سبيل المثال، إذا قررت أن العمل في مدينة أخرى أفضل من العمل الذي تقوم به في مدينتك، فإنك قد تركز تفكيرك على المظاهر الإيجابية للمدينة الجديدة من أجل تبرير اختيارك للعمل الجديد على العمل القديم. والآن ماذا قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم؟ لقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية الوضوء وأنه يغسل الذنوب والخطايا، فقد روي عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، حتى يخرج نقياً من الذنوب) [أخرجه مسلم]. وإذا صلى المؤمن الصلاة المفروضة فإنه يصبح نقياً مطهراً من ذنوب الماضي، ويستقبل الحياة بصورة أفضل ويكون في حالة نفسية مستقرة، ولذلك نرى المؤمن الذي يحافظ على أداء الصلوات الخمس هادئ النفس مطمئن القلب قليل الأمراض والانفعالات راضياً بما قسم له الله من الرزق، وهذه هي السعادة الحقيقية. ولذلك يا أحبتي فإن مثل هذه الدراسة العلمية تثبت أن الوضوء له أثر نفسي قوي، فالدراسة تركز فقط على غسل اليدين، ولو أن الدراسة أُجريت على أناس مسلمين يحافظون على الوضوء، مقارنة بأناس غير مسلمين، فإن النتائج ستكون مبهرة ويمكن القول إن المؤمن الذي يحافظ على الطهارة والوضوء والصلاة، فإنه يتمتع بصحة نفسية وجسدية أفضل. وتأملوا معي هذا الحديث الرائع، فقد روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره) [رواه مسلم].