أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل والاستمرار في العبادات التي كانت تؤدى في شهر رمضان المبارك وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم لم يزل في ثيابنا عبق من شذى شهرنا لم يخف ، ولم يزل في نفوسنا طراوة من تراتيل القران لم تجف ، ولم تزل عيوننا ندية على وداع رمضان ، وما ذاك إلا لما افتقدناه من لذة الطاعات وحلاوة القربات ، ولو صابر الإنسان نفسه وغالب هواه وواصل نوافل العبادات التي اعتادها في شهر رمضان من صيام وقيام ليل وقراءة للقران وصدقة وخير ، لانقلبت حياته إلى موسم للخير دائم ، وتقلبت نفسه في رياض من القربات متصل ، وتمثل قول الله عز وجل ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) ، وقال فضيلته الأرض ميراث الله لعباده يختارون منازلهم من الجنة بقدر حرثهم للآخرة ، والمؤمن الحق سائر إلى ربه يسعى لا يقف حتى يكون منتهاه الجنة وحتى يدركه الموت ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) ، ولئن انقضى شهر رمضان ، وهو شهر مضاعفة الأجور ، فإن الله تعالى هو رب كل الشهور ، وفي الحياة آفاق واسعة للعمل الصالح ، وأجور تضاعف هي والله المتجر الرابح ، وفي شرع الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم فِجاج توصل إلى الله ، ودروب تؤدي وتهدي لمرضاته ، وأعمال تستجلب مراضي الله ويكافئ عليها بجنته ، ولكن أين المشمرون ، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) ، وكان ابن عمر يقول : إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك وقد دلنا النبي صلى الله عليه وسلم على أعمال يسيره ورتب عليها أجوراً كثيرة وفتح لنا أبواباً واسعة من الأعمال الصالحة نتزود بها ليوم الحساب وندخرها عند لقاء الله رب الأرباب ، عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ) والسلامى هي المفصل وبين فضيلته أن المؤمن قد يبلغ أعلى المنازل بعمل يسير لا يظن أن يبلغ به ما بلغ ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ) لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين) وأشار فضيلته إلى أن كلمة يسيرة قد يستجلب العبد بها رضى ربه الكريم ويشكر فضله العميم ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها ) ، أما الوضوء والصلاة ، وهي المتكررة في اليوم عدة مرات ، فثمرتها كبيرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، حتى يخرج نقياً من الذنوب وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن العمل الصالح المعظم أجره والسابغ ثوابه يكتنف المجتمع المسلم بكل علاقاته من الوالدين والزوجة والأقارب والجيران ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال ( أمك ) قال ثم من ؟ قال ( أمك ) قال ثم من ؟ قال ( أمك ) قال ثم من ؟ قال ( أبوك وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) ، ومعنى ينسأ له في أثره أي يؤخر له في أجله وعمره .. وفي الستر على الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة وحث الشيخ صالح آل طالب المسلمين على صيام ستة أيام من شهر شوال إمتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان واتبعها ست من شوال كان كصيام الدهر ) ، كما دعاهم إلى الإكثار من الصالحات ومداومة الطاعات والحذر من السيئات وفي المدينةالمنورة حث إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ حسين آل الشيخ المسلمين على تقوى الله في السر والعلن والقول والعمل. لأنها طريق الفلاح وسبيل النجاح في الدنيا والآخرة وتحدث فضيلته عن عاقبة التعدي على الناس في أموالهم وأعراضهم , مشدداً على أن حقوق الخلق عظيمة عند الله عز وجل , وهي من الذنوب التي لا تغفر إلا بالتحلل منها , مستدلاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه وقال : إن من الخسارة الكبرى أن يفلس المرء ويعطي حسناته لغيره ، ففي الحديث ( المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا ، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار وأوضح فضيلته أن المسلمين عاشوا في رمضان لذة المناجاة لربهم وأنس القرب منه بالتضرع إليه والدعاء فطابت نفوسهم وأفئدتهم , مضيفاً إن الفوز الأعظم والفلاح الأتم والغنيمة العظمى كل ذلك لا يكون إلا بالاستقامة والتقى والطاعة للمولى جل وعلا , مستشهدا بقول الحق تبارك وتعالى : فاستقم كما أمرت وتابع يقول : وكانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم : ( قل آمنت بالله ثم استقم ) , إنها وصية عظيمة بلزوم الإيمان الكامل , والاعتقاد الصحيح , وفعل الواجبات والفضائل والمكرمات ، منبها إلى أن هذه الوصية هي وظيفة الإنسان في عمره حتى الممات وبين فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ أن على المسلم الذي أنعم الله عليه بالعمل الصالح الشكر لله وبذل المزيد ، والحرص كل الحرص على حفظ حسناته , متطرقاً إلى فضل صيام ستة أيام من شهر شوال لأنها مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته بعد رمضان من النوافل والقربات ودعا فضيلته في نهاية الخطبة المصلين إلى عدم الانشغال بأمور الدنيا وهم في المساجد التي أعدت للصلاة وقراءة القرآن الكريم والذكر , بعيدا عن توافه الدنيا