معنى هذه القاعدة الفقهية أن الشرع إذا أوجب على المسلم أمرًا، فلم يتمكن أن يأتي به على وجهه الأكمل، فإن الشرع يأمره أن يأتي بما يستطيعه منه، ويتجاوز عنه فيما لم يتمكن منه، ودليل هذه القاعدة قول الله عز وجل: «فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا»، وقول رسول الله صلى الله وعليه وسلم: «إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» رواه البخاري ومسلم. ومن الأمثلة التطبيقية لهذه القاعدة أن المسلم إذا لم يجد ماءً يكفيه للوضوء، فإنه لا يصح له أن ينتقل على التيمم، بل يجب عليه أن يتوضأ بالماء المتوفر لديه، فإذا فرغ الماء -وقد بقي بعض أعضائه بدون وضوء - فإنه يتيمم حينئذ. ومن الأمثلة أيضًا أن المتوضئ إذا كان فاقدًا لبعض أعضاء الوضوء، كأن بترت أصبع في إحدى يديه لعارض صحي أو حادث، فإنه يجب عليه أن يغسل ما تبقى من يده، ولا يسقط عنه غسل باقيها. ومن الأمثلة أيضًا إذا لم يجد المصلي ما يستر كامل عورته، ولم يجد إلا بعض الساتر، فيلزمه أن يستر ما يمكن، مبتدئًا بالعورة الكبرى. ومن الأمثلة أيضا أن المصلي إذا لم يستطع -لعذر من الأعذار المعتبرة- أن يركع ركوعًا كاملاً أو يسجد سجودًا كاملاً، فإنه يجب عليه أن ينحني قدر استطاعته. ومنها أن المصلي إذا لم يكن يحفظ من القرآن إلا بعض سورة الفاتحة، فإنه يجب عليه أن يقرأ هذه الجزء، ويكرره بمقدار الفاتحة، ولو لم يكن حافظًا لأي آية فإنه يلزمه الوقوف بمقدار سورة الفاتحة. ومنها إذا لم يجد المسلم مالاً يكفيه لإخراج زكاة الفطر عن نفسه وزوجته وأولاده، فإنه يجب عليه أن يخرج عن بعضهم حسب الترتيب الذي ذكره الفقهاء، بل لو لم يجد إلا بعض صاع الفطرة، فإنه يجب عليه أن يخرجه عن نفسه، ويسقط عنه ما عسر عليه. ومنها أن المسلم الذي حنث في يمينه، فأراد التكفير عنها، فلم يجد إلا ما يطعم خمسة مساكين، فإنه يجب عليه إطعامهم إذا لم يكن قادرًا على صوم ثلاثة أيام. إلا أن هذه القاعدة الفقهية لها بعض المستثنيات، منها أن من وجب عليه صوم رمضان أثناء النهار، كالمسلم الذي يبلغ أثناء النهار، أو المرأة التي تطهر أثناء النهار، فإنه لا يجب عليهما صوم هذا اليوم، بل يستحب لهما، إلا أن المرأة يجب عليها القضاء في أيام أخر.