هنالك ذكريات تحفر في الأذهان لن تمحى إطلاقاً، وبالنسبة لمن شهدوا على فظائع الحرب، فإن هذه الذكريات تشكل كوابيساً ترافقهم طوال حياتهم. لذا، عرض متحف هيروشيما التذكاري للسلام مجموعة من الرسومات التي قدمها أشخاصاً شهدوا على الإنفجار الذري بمدينة هيروشيما اليابانية قبل 70 عاماً (شاهد مجموعة من هذه الرسومات في المعرضأدناه) تكشف هيديو كيمورا، في هذه الرسمة عن مشهد زملائها بالصف الذين كانوا يركضون بأرجاء المكان وهم يصرخون بعد انفجار القنبلة وبعضهم كان عالقاً تحت ركام المنازل، فيما وُجد آخرين في إحدى الأنهر المجاورة.
ورسمت هذه اللوحة الناجية أكيرا أونوغي، حيث تظهر امرأة عالقة تحت عمود من منزل منهار وسط اقتراب ألسنة من اللهب، وبجانبها فتاة تبكي وترجو الجيران مساعدتها، ولم يتمكن الجيران من رفع العمود عن المرأة.
وقامت تشيساكو ساساكي برسم هذه اللوحة لفتاة علقت بالطابق الثاني لمنزلها المحترق، ساساكي لا تزال تذكر صراخ الفتاة طلباً للنجدة.
وهذا مشهد حزين آخر، رسمته تورازوتشي ماتسوناغا، لرجال إنقاذ حملوا جثث أطفال أُصيبوا بجروح خطيرة بفعل الإنفجار، ولا تزال ماتسوناغا تذكر الأذرع والأرجل المتدلية لهذه الجثث من تلك الحمالات.
ورسمت الناجية أساكو غوجيسي هذه الصورة لملجأ من القنابل الذي استخدم كمستشفى مؤقت، وتقول إن المكان كان مليئاً بصوت الأنين ورائحة العرق الممزوجة برائحة الأدوية.
سويكو سوميموتو تتذكر رؤيتها لأم وقفت على جسر بالمدينة بعد الإنفجار وكانت تنادي باسم طفلها بين جثث الطلاب التي طفت بالنهر.
هيروهارو كونو رسمت رحلة بحثها عن عائلتها، وبعد ثلاثة أيام من التفجير، وقفت بالمكان الذي كان يحوي منزلها، تقول إن الحرائق كانت لا تزال مندلعة في أرجاء الحي، والشوارع كانت حارة للغاية، وبعد حفرها بموقع منزلها عثرت كونو على عظام شقيقها وشقيقتها الكبيرين وطفل بعمر ثلاثة أيام، تقول: "ضممت يدي وبدأت بالنحيب."
لم تدور كل الرسومات حول المآسي فقط، بل أظهرت أيضاً محاولة الأشخاص مساعدة بعضهم، هنا يتذكر ماسارو شيموزو، بأن رجلاً بزي عسكري أعطاه دزينة من الفاكهة المجمدة.
وتم تدريب الجنود على عدم تقديم الماء للمصابين بالحروق، ظناً منهم بأن ذلك سيزيد وضعهم سوءاً، وتقول كيجي هاردا إن فتاة طلبت منها شرب الماء، لكن أحد الضباط منعها من ذلك، تقول: "أندم لأنني أصغيت إليه حتى هذا اليوم."
تقول كازو كويا: "كان المصابون ينتقلون بالقطارات من المدينة المهدمة مثل الماشية."
وكانت سومي ساساكي محظوظة لتجد جمالاً وسط الخراب الذي لحق بالمدينة، تقول: "أذكر بأن النجوم كانت ساطعة"، وتضيف: "قام والدي بجمع قطع من الركام من بيوت مختلفة وصنع ملجأ لنا فوق ما بقي من المصنع الذي كان يعمل فيه، مدخنة واحدة بالمصنع ظلت صامدة فقط أشعرتنا بالرعب طوال الليل، لكن النجوم المحيطة بهذه المدخنة كانت جميلة للغاية." وهذا المشهد لا يزال يطارد ميتسوكو تاغوشي، حيث تظهر في اللوحة امرأة ميتة سقطت خلال محاولتها الهروب من النيران، شعرها كان منفوشاً وعيناها حمراوان مفتوحتان، وطفلها كان تحتها محاولة حمايته حتى رمقها الأخير. =