في غرفتها ترسم بين كومة من الأقلام الملونة خطوطاً وأشكالاً لها رسائل كثيرة، تدخل عليها أمها، وقد بدأت متعجبة وتردد، «هل تلك رسمتك!»، متفاجئة ومندهشة من قدرة ابنتها على الرسم كالكبار. ترفع جود كراستها لأمها مبتسمة، والأم ما زالت في حالة دهشة، قائلة: «معلمتي دائماً تقول بأني فنانة، وسيكون لي مستقبل». تحتضن الأم رسمة جود بين يديها وتردد «هل هذا رسمك، أم هو من وحي خيالك، أم نقلتي الرسمة»، ثم تبتسم جود وتقول: «نعم أنا رسمتها». جود المرشد طالبة في الصف الثاني المتوسط لديها الكثير من الأحلام كغيرها من زميلاتها في مدرستها، تحب الرسم والفنون التشكيلية، ولها لمسات فنية خاصة، تقول: «حينما صدقتني أمي أخذتني على الفور للمكتبة لشراء جميع مستلزمات الرسم، وهي تبث بداخلي الكثير من الأمل والتحفيز والتقدير لموهبتي، وعلى رغم شعوري بتوتر وقلق أني لن أنجز ، خشية أن أخيب رجاء أمي التي بدت مشاعرها متضاربة وأن كان يتخللها الفرح والسعادة؛ أمها الصحافية إينما السالم، تقول: «تدعمني بقوة وتزيدني ثقة ويقين وتضع في رأسي أفكاراً لم أفكر بها، أيضاً حملتني مسؤولية بطريقة ذكية أدخلت فيها الحماسة على نفسي». وحينما وقفت لترسم اللوحة التي رسمتها على كراستها كانت أمها تلتقط لها العديد من الصور وتنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تنظر لأمها بسعادة، «فكرنا سوياً بطرحها في مزاد عبر هذه المواقع لربما تتحقق أمنية، وقالت لي تذكري ربما هذه أول وظيفة فيها ربح مادي من كسب يديك، وهو شعور جداً جميل ومكنت أضحك غير مصدقة، بعد أن وعدتني حينما أتقن الرسمة ستشتري لي جهاز آيباد الذي أحلم به». وتضيف: «وضعت أمي صورة الرسمة فأثارت إعجاب الكثير، وإذ بها تفتح المزاد فقالت إحدى المتابعات لوالدتي والمعلمة إيمان القحطاني هي أول من فتح مزاد اللوحة ب700 ريال، ثم رفع حمد البكر سعرها إلى ب1000 ريال، لكن إيمان القحطاني رفعت السعر إلى 1050ريالاً. وكانت تعتقد جود وأمها بأن المزاد توقف على 1050 ريالاً، وطالب آخرون في مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وإنستغرام»، عدم إغلاق مزاد اللوحة، ورفع السعر حمد البكر متأخراً بسبب وجوده في الطائرة إلى 1100 ريال، وردت إيمان بأن اللوحة حلال على حمد، وطلبت المبلغ الذي أرسلته صورة الرسمة التي في كراسة جود، إلى أن تفتح جود في يوم معرضاً تشكيلياً. وتسلم البكر لوحة جود الكبيرة، ولكنه بدأ في عرض المزاد مرة أخرى، على أن يكون نصف المبلغ لجود ونصفه لجمعية إنسان فكان التفاعل أشد، إذ دخل في المزاد رجل الأعمال السعودي خالد العمار ورئيس تحرير الشرق الأوسط الزميل سلمان الدوسري وتفاعل كبير من رئيس نادي الهلال سابقاً الأمير عبدالرحمن بن مساعد بعمل إعادة تغريدة، إضافة إلى محمد الحضيف، تقول جود: «بصراحة لا أستطيع تذكرهم، واستمر المزاد يومين على أن ينتهي الساعة 12 فجراً ثم اشترت اللوحة شركة الوطنية لتوزيع بمبلغ 42 ألف ريال». كان واقع الحدث كبيراً على قلبها الصغير كأول طفلة عرضت لوحتها لمزاد للبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها تحس بالفرح والفخر، خصوصاً في مدرستها حينما علموا بالقصة كانت مشاعرها مختلطة ما بين الفرح والبكاء تقول: «حلمت أن أكون فنانة، لكن أن تصل لوحة فنية لي بهذا السعر لم يخطر في بالي أبداً، فعلاً أنجاز عظيم لأن أشعر بالمسؤولية أكبر، وقريباً سيكون هناك مزاد آخر مرتين كل ستة أشهر لأحقق نجاحاً جميلاً، فعلاً مجتمعي له ذائقة فنية أفخر بها، وإن شاء الله سأقيم معرضاً فنياً، والأهم أن أرى أمي تبتسم وتقعد لأقوم أنا».