أقر رئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة بارتكاب جهاز المخابرات العامة ما أسماها أخطاء وتجاوزات في المرحلة الماضية، متعهدا بعدم استمرارها، في لهجة نقد لافتة من المسؤول الحكومي البارز.وقال الخصاونة -في مؤتمر صحفي عقده مساء الأربعاء، ردا على سؤال عن دور جهاز المخابرات والديوان الملكي- إن "دائرة المخابرات العامة من أهم أجهزة الدولة، والاستقرار الذي ننعم به يعود جزئيا لها، لكن في الفترة الماضية كانت هناك أخطاء وتجاوزات لعمل هذا الجهاز". وتابع "نحن الآن في عهد جديد نؤكد فيه أن الولاية العامة للحكومة، وهذا لا يعني أن هناك صراعا بين الحكومة وجهاز المخابرات والديوان الملكي". وأكد الخصاونة ضرورة أن يعمل جهاز المخابرات وفقا للقانون الذي ينظم عمله، وهو ما ينطبق أيضا على الديوان الملكي. أصوات احتجاجية وجاء هذا الرأي غير المسبوق من رئيس الوزراء الأردني في انتقاد دائرة المخابرات، بعد سلسلة من آرائه التي بدت لافتة وغير مسبوقة، وذهب مراقبون لاعتبارها أصواتا احتجاجية على نهج الحكم السابق من داخل مؤسسة الحكم نفسها. كما جاء متوافقا مع انتقادات وجهها معارضون ومطالبون بالإصلاح لدائرة المخابرات التي علت هتافات وجهت لها انتقادات علنية في الشارع قبل تغيير حكومة معروف البخيت ومديرها السابق محمد الرقاد الذي خلفه فيصل الشوبكي. وجاءت أيضا بعد أيام من اتهام شبان في الحراكات الشبابية والشعبية باستدعاء المخابرات لعدد من شباب حراك حي الطفايلة بعمان، واتهام ناشط شبابي للمخابرات بتهديده عبر الهاتف. وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال راكان المجالي للجزيرة نت إن الحكومة هي صاحبة الولاية العامة، وستدقق في حديث ناشطين عن تعرضهم لمضايقات من قبل جهاز المخابرات، مؤكدا رفضها لأي تضييق على حرية التعبير، مشيرا إلى أن القضاء هو الفيصل في أي تجاوز على القانون. حكومة إصلاح وفي سياق ذي صلة، رفض الخصاونة وصف حكومته بأنها "حكومة إنقاذ"، ووصفها بأنها حكومة إصلاح سياسي واقتصادي. وتابع أن برنامجه الحكومي إصلاحي ومنفتح على كل القوى في المجتمع الأردني، مشددا على ضرورة العمل على التئام الجراح واستعادة دور الحكومة وهيبتها، لافتا إلى أن هذه الهيبة لا تكون بالضرب بيد من حديد وإنما بالتصرف الحسن، وأن يمثل أهل الحكم القدوة للمجتمع. وأقر الخصاونة -في حديثه للصحفيين- بدور الربيع العربي في المطالبات بالإصلاح في الأردن، وقال إن السبب في الثورات العربية هو أنه ثبت أن هناك فجوة بين أهل الحكم والشعوب. وزاد أن "الثورات قد يكون سببها اقتصاديا، لكن الصحيح أن سببها اقتصادي وسياسي"، متسائلا عن أهمية الإصلاح السياسي إذا كان الناس لا يحصلون على لقمة عيشهم. واعتبر رئيس الحكومة التي تسلمت مهامها الأسبوع الماضي أن الأردن لا يحتمل إجراء انتخابات مزورة مستقبلا. وقال "لن تكون هناك انتخابات يشوبها الفساد سواء كانت نيابية أو بلدية في الأردن مستقبلا"، وتعهد بإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات في المرحلة المقبلة. ورفض الخصاونة تحديد موعد للانتخابات البلدية التي قررت الحكومة تأجيلها بعد أن حددتها الحكومة السابقة بنهاية العام الجاري. وأكد جدية النظام في الأردن -وعلى رأسه الملك عبد الله الثاني- في المضي بالإصلاح السياسي، متعهدا باستمرار الحوار مع قوى المعارضة والحراك السياسي لتحقيق المطالب الشعبية. كما أعاد الخصاونة التأكيد مرتين -خلال مؤتمره الصحفي- على موقفه من أن إبعاد قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من الأردن عام 1999 كان "خطأ دستوريا وسياسيا". غير أنه نفى أن يكون هناك أي نية لإعادة فتح مكاتب الحركة في عمان، وقال إن المطروح هو علاقة أردنية مع كل الأطراف الفلسطينية الفاعلة والأطراف العربية الفاعلة، من باب "تنويع الخيارات أمام الدبلوماسية الأردنية". وتثير تصريحات رئيس الوزراء الأردني جدلا متصاعدا في عمان بين متفائل باستعادة الحكومة دورها والسعي لطمأنة الشارع وقواه الغاضبة، وبين من يراهن على أنها ستصطدم بأطراف أخرى في مؤسسة الحكم لا تزال غير مقتنعة بما يصفه محلل سياسي بارز ب"الثورة البيضاء" التي يقودها الخصاونة. المصدر : الجزيرة