أطلقت الجمعيات النسائية الفرنسية حملة جديدة للمطالبة بإسقاط تسمية «مدموازيل» – أي «آنسة» - وإطلاق لقب «مدام» – أي «سيدة» - حتى على البنات غير المتزوجات. وأنشأت القائمات على الحملة موقعا على الإنترنت يدعو النساء إلى التمسك بالحق في لقب «مدام» اعتبارا من بلوغهن الثامنة عشرة، في المعاملات والأوراق الرسمية. احتجاج الفرنسيات، في الحقيقة، ليس على مناداتهن بالأوانس، بشكل لطيف ومحبب يعكس تمتعهن بالشباب، بل على الاستعلامات الموجودة في الأوراق واستمارات التقدم بالطلبات المختلفة، حيث توجد، في العادة، خانة تطلب أن تحدد المتقدمة ما إذا كانت «آنسة» أو «سيدة». وتأتي الحملة في ظل واقع اجتماعي يؤكد أن طفلا من اثنين يولد اليوم في فرنسا خارج إطار الزواج. كذلك تغيرت القوانين التي كانت تفرض على المرأة الحصول على موافقة زوجها قبل فتح حساب مصرفي باسمها. وفي حين تفرح الفرنسية البالغة أواسط العمر عندما تنادى ب«آنسة»، فإن التسمية التي تثير أشد الإزعاج هي «الفتاة الكبيرة»، وهو مصطلح يقصد به تلك التي تقدمت في السن ولم تتزوج، ويعادل لكلمة «عانس» في العربية. وترى النسويات أن استمرار تداول مثل هذا النوع من الألفاظ يعكس النظرة المتخلفة إلى المرأة في فرنسا ويسبب الحرج لغير المتزوجات. ونشرت النسويات على موقع الحملة نصا لرسالة يمكن للنساء التوقيع عليها وتوجيهها إلى المؤسسات الفرنسية الكبيرة التي ما زالت تضع في مراسلاتها خانة «آنسة»، كالمصارف وشركات الكهرباء والهاتف والسكك الحديدية. وتشدد الحملة على غياب أي نص في التشريعات المحلية يفرض تحديد الوضع الاجتماعي للمرأة. كما أن الدول المجاورة تستخدم تسميات مثل «سنيوريتا» و«فراولين» و«مس» من باب اللياقة والتأدب. وليس كشرط لتحديد الهوية. أما في الدنمارك فقد منع استخدام تسمية «آنسة»، وفي كندا صارت التسمية بمثابة شتيمة. تجدر الإشارة إلى أن لفظة «مدموازيل» جاءت من اللاتينية، وكانت لقبا نسائيا نبيلا في الزمن الإمبراطوري. وابتداء من القرن الثامن عشر صارت التسمية خاصة بالفتيات غير المتزوجات وتعني «البكر». وكان نابليون قد أوقف ما كان شائعا من اعتبار المرأة بالغة سن الرشد منذ لحظة زواجها، مهما كان عمرها، وأبقاها تحت وصاية الأب أو الزوج. ومع تغيير القانون الإمبراطوري، عام 1938، صارت كل امرأة تدعى «مدام» مع بلوغها سن الرشد، سواء أكانت متزوجة أو عزباء. وصدرت قبل 40 سنة تعليمات تؤكد أن لقب «مدموازيل» لا يتعلق بالوضع الاجتماعي للمرأة. لكن مجرد أن تكتب أي فرنسية أنها «عزباء» في التصريح الضريبي، فإنها تتلقى ردا باعتبارها «آنسة» حتى ولو كانت في الخمسين من العمر وتعيل عدة أطفال. الشرق الاوسط.