في سنوات علاقتي بالوظيفة تعرفت على كثير من الفلبينيين العاملين في المملكة. تجربتي مع الفلبينيين مثمرة ومفيدة. كانوا يأتون للعمل فنيين. في معظمهم خام. يتخرجون من المعاهد وعلى الفور يحصلون على فرص العمل من العقود التي تجريها شركات الوساطة . لا أتذكر أن التعاقد كان يتم مباشرة بين الحكومة وبين العاملين. هناك شركات استقدام كثيرة. المشاريع الكبرى كانت تتطلب إجراء مثل هذا. تضطر الوزارة لأنْ تقدم لهم تدريبا ميدانيا مكثفا على نوعية العمل الذي سوف يباشرونه. كانوا أذكياء. يتعلمون بسرعة. ذ كاؤهم علّمهم أيضا أن الخبرة التي يكتسبونها في المملكة لا تقدر بثمن. بعد عدة أشهر من وصولهم للمملكة يبدأون بمراسلة الدول التي تستقبل مهاجرين. علمت مؤخرا أن الهجرة إلى كندا تحتاج ما بين خمس سنوات إلى ست سنوات. مدة كافية يتحولون فيها في المملكة من عمال خام إلى مهرة وخبراء تتمناهم كل دول العالم. اكتشفت أن دورنا كالفلاحين الفقراء. نزرع الشجرة ونسقيها ونحافظ عليها وإذا أثمرت اضطررنا أن نبادل الثمر بسماد ومبيدات لنزرع بها شجرة أخرى. هكذا امتلأت بلادنا بالأشجار دون أن نتذوق ثمارها. خطة وزارة العمل الجديدة قررت أن تجعل من زراعة الأشجار غير المثمرة قانوناً. سياسة عامة . حسب ما فهمت أن الوزارة قررت ألا تسمح ببقاء العمال الأجانب في المملكة لأكثر من ست سنوات. يعني إذا نضج العامل واكتسب الخبرة وعرف قوانين البلد وأنظمتها وعاداتها نتخلص منه لنأتي بجديد نبدأ معه من جديد. مشكلة العمالة في المملكة لا تتوقف عند العمالة الماهرة المتعلمة. عدد وفير من العمالة في المملكة لا سابقة حضارية في حياتهم. بعضهم لم يعرف الحمام أعزكم الله في حياته إلا بعد أن جاء إلى المملكة. ست سنوات كافية لتمدينه وإكسابه الخبرات التي نحتاجها منه. بيد أن القانون الجديد الذي سوف تطبقه وزارة العمل سيجعل من المملكة أكبر مركز تدريب في العالم، وأكبر ممول للعمالة الماهرة للدول المتقدمة وفي نفس الوقت أكبر مركز تنمية حضرية إن لم يكن المركز الوحيد. الدول الأخرى ككندا مثلا تشترط لاستقدام أي أجنبي أن يكون على قدر معين من التعليم (الثانوية العامة) وأن يلم بلغة البلد (الانجليزية أو الفرنسية) إلى الحد الذي يجعله قادرا على التواصل مع الناس دون صعوبة. القانون الجديد الذي ستسنه الوزارة سيعكس العملية.. نحن في الأصل لا شروط لاستقدام العمالة. التدريب والتعليم والتمدين علينا. القانون الجديد سينتج مزيداً من الخفض في مستوى العمالة. سيلغي مكاسبنا من التدريب. بالكاد يكون العامل الأجنبي جاهزاً للعمل نستبدله بشقيقه. حتى جهدنا سنتنازل عنه. سيكون محكوماً علينا أن ندرب ونمدن ونصدر. من المهم أن نلاحظ أيضا أننا نختبر أخلاقياتهم نيابة عن الدول التي سوف تستفيد منهم بعد تدريبهم وتطويرهم. الشيء الرائع في هذا القانون أنه سيتسم بالعدالة بالنسبة للدول الفقيرة. كل ست سنوات نستقدم دفعة وما أن يتم تدريبهم وتمدينهم نتخلص منهم ونستقدم جدداً. نيابة عن الشعب الكندي والشعب الاسترالي والشعوب الفقيرة في شرق آسيا شكراً وزارة العمل..