من العادات السلبية التي اعتادت عليها بعض العوائل التي ليس لديهم عاملة منزلية أن الأم أو البنت واجب عليهن في البيت خدمة إبنها أو أخيها فتغسل وتكوي له ملابسه، وترتب غرفته الخاصة رغم أن الأم قد تكون موظفة والأخت قد تكون طالبة أو موظفة مثل أخيها ولكن عليهن أن يضاعفن ويكرسن جهدهن لخدمة هذا الرجل، الذي اعتاد منذ صغر سنه على اللامبالاة وعدم مشاركة أمه أو أخته وعندما يكبر لن يشارك زوجته في أعمال البيت، والمشكلة أن بعض الأمهات يغرسن في أبنائهن هذا المفهوم اللامسؤول الذي توارثوه أباً عن جد، وهو أن عمل الرجال في البيت ليس من خصوصياتهم، رغم أن النبي في بيته الشريف صلى الله عليه وسلم ؛ كان يكون في مهنة أهله : يحلب شاته ، ويرقع ثوبه ، ويخدم نفسه ، ويخصف نعله ، فإذا حانت الصلاة خرج إلى الصلاة وصلى بالناس ، ثم جلس إليهم فحدثهم وعلمهم ووعظهم وذكّرهم واستمع إلى شكواهم وأصلح بينهم ، ثم يعود إلى بيته . وقد سئلت عَائِشَة رضي الله عنها : " مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ فقَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ " . إن اعتياد الأبناء الذكور على هذا النمط الاتكالي، قد تنشأ عنه مشكلات أسرية بين الأخ وأخته عندما ترفض خدمته وكذلك الزوجة عندما ترفض خدمته، وحتى بين أصدقائه فقد يتكل على خدمتهم له كما تعود أن الجميع يكون في خدمته وعندها ستخلق بينهم المشكلة وكل ذلك بسبب أنه لم يعتد على أن يكون في مهنة نفسه ناهيك على أن يكون في مهنة أهله. إن أمهاتنا أو زوجاتنا أو أخواتنا والآخرين ليسوا خدم لنا ينظفون وراءنا والعاملة المنزلية أيضاً ليست خادمة تنظف خلفنا بل هي إنسانه وزوجة وأم ولها أهل مثلنا تماماً ولكن ظروفها المعيشية القاسية أجبرتها على ترك وطنها وأسرتها والابتعاد عنهم لجلب لقمة العيش لهم، وهي ليس إلا مجرد مساعدة منزلية لربة المنزل، فيليتنا نتعود ونعود أبنائنا على التنظيف والترتيب وراءنا كترتيب غرف نومنا وغسل الصحن الذي نأكل فيه أو الكوب الذي نشرب فيه وعلى كل شيء نستخدمه وأن نترك المكان نظيفاً كما كان فقد نرجع له وقد يأتيه غيرنا بعدنا، والأهم من ذلك كله أن لا ننسى أن "النظافة من الإيمان". إن عنوان هذا المقال "هذا ليس من عمل الرجال" يحتمل معنيين، الأول أن الذي يكون في مهنة نفسه وأهله قد نشأ على أن ذلك ليس من عمل الرجال، وحاشى نبينا هذا الوصف فهو سيد ولد آدم، والآخر أن الذي لا يكون في مهنة نفسه وأهله يعتبر ذلك ليس من عمل الرجال، وأعتقد هذا الوصف الأخير يليق بالبعض المستهدفين في هذا المقال، ولنعلم أن ذلك لا يقلل من رجولتنا، بل إن الرجل بحسب تركيبته الجسمانية يعتبر أقوى بدنياً من المرأة، والأقدر على تحمل الأعمال الشاقة. *أخصائي اجتماعي أول