التواضع صفة محمودة وسبيل لنيل رضا الله سبحانه وتعالى، وقد جعل الله سبحانه وتعالى سنه جارية في خلقه ان يرفع المتواضعين لجلاله وان يذل المتكبرين المتجبرين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما تواضع احد لله الا رفعه" اما الذي يسلك مسلك المتكبرين فقد باء بشؤم العاقبة ، يقول الله عز وجل في الآية 72 من سورة الزمر : (.. فبئس مثوى المتكبرين). ان التواضع صفة من صفات المؤمنين والمؤمنات وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الالتزام بها وخص المؤمنين على الابتعاد عن التكبر الذي ينتهي بصاحبه الى الدرك الاسفل من النار لان التواضع في غير مذلة ولا مهانة وخلق يليق بالعبد المسلم . اما الكبر فهو ليس له ولا ينبغي لمثله لان الكبر صفة من صفات الربوبية ولا يليق بالعبد الفقير الى مولاه فعن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي، والعظمة ازاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار". وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم بكمال خلقه بما لا يحيط بوصفه البيان، وقد وصفه ربنا عز وجل في كتابه العزيز بقوله تعالى في سورة القلم الآية 4: (وإنك لعلى خلق عظيم) فقد كان صلى الله عليه وسلم المثل الاعلى للتواضع بأقواله وأفعاله فكان يجالس الفقراء والمساكين ويصغى اليهم ويجيب دعوة العبد وينصت للامة فلا ينصرف عنها حتى تنصرف ، وكان صلى الله عليه وسلم يجلس في أصحابه كأحدهم بل يشاركهم العمل ما قل أو كثر وقد وصف ابو سعيد الخدري رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "متواضعاً في غير مذلة". وعن تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته مع زوجاته قالت السيدة عائشة رضي الله عنها "كان يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل بيده كما يعمل أحدكم في بيته, وكان بشراً من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه" وكان صلوات ربي وسلامه عليه، يدخل السرور الى قلوب زوجاته وامهات المؤمنين ما وجد الى ذلك سبيلا، مكما كان يكرمهن وينزلهن مكانتهن. وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم الى التواضع وحث عليه بقوله "ان الله اوحى إلي ان تواضعوا حتى لا يفخر احد على احد ولا يبغي احد على احد" وقوله : "طوبى لمن تواضع في غير منقصة، وانفق مالا جمعه في غير معصية، ورحم اهل الذل والمسكنة وخالط اهل الفقه والحكمة" الى غير ذلك من الاحاديث التي تبين ما لفضيلة التواضع من أثر كبير في حياة الانسان وفي تعامله مع الاخرين فلنبادر إلى التخلق بأخلاق سيد المرسلين والإقتداء بسيرته فقد كان المثل الأعلى للتواضع والاخلاق الكريمة الفاضلة التي تنجي صاحبها من عذاب النار. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يقول الله تبارك وتعالى : من تواضع لي هكذا - وجعل يزيد باطن كفه الى الارض وادناها - رفعته هكذا - وجعل يزيد باطن كفه الى السماء ورفعها نحو السماء". والنبي صلى الله عليه وسلم كان يكون في حاجة اهله يرفع ثوبه ويخصف نعله. وفي المسند عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال في خطبة " له "إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر وكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا ويغزو معنا ويواسينا بالقليل والكثير. وفي البخاري عن ابن عباس انه سمع عمر رضي الله عنهم يقول على المنبر : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :"لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فانما انا عبد فقولوا :"عبدالله ورسوله".