عبدالله علي المسيان بين فترة وأُخرى تُطالعنا الصحف السعودية بأخبارعن جرائم بشعة ترتكبها بعض خادمات يعملن في بيوتنا لاسيما اللاتي يأتين من إندونيسيا، فخادمة تضعُ سُماً لطفل في رضاعة الحليب الاصناعي، وخادمة تُعذّب طفلاً آخر بالحرق والكي، وخادمة أخرى تقطع رأس طفلة وتفصله عن جسدها، ومع الأسف إنّ الجرائم تزداد يوماً بعد يوم ولابدّ لنا نحن الأسر من قرار حازم وجريء يحمينا من هذه الجرائم البشعة التي تطول في كل يوم أُسرةً من الأسر. والحل من وجهة نظري أن نتوقف نحن الأُسر عن جلب العمالة المنزلية سواءً من إندونيسيا أو الفلبين أو سريلانكا أو غيرها من الدول، ولنُجرّب أن نعيش بلا خدم ولو لسنةٍ واحدة، ولنعتمد على أنفسنا في إدارة شؤون بيوتنا، ولو قام كل فردٍ منا بواجبه فلن تكون بحاجة حينئذٍ إلى استقدام عاملةٍ منزلية، ولكننا قومٌ نُحبُ الكسل والراحة ونكره الحركة والنشاط، وإلا فماذا استفدنا من جلب الخدم إلا الهمّ والغمّ والجرائم والمصائب وزيادة الوزن وخسارة الأموال وخسارة الأنفس؟! ولو نظرنا إلى حال أغلب الأسر التي تُحضر عمالةً منزلية من الخارج لوجدنا أنّ هناك جزءاً بسيطاً من هذه الأسر يحتاج فعلاً إلى جلب عاملة منزلية والجزء الأكبر من هذه الأسر ليس بحاجة فعلية إلى استقدام عاملة منزلية، ولكنهم يفعلون ذلك من أجل محاكاة المجتمع، وبسبب الكسل وعدم الرغبة في الحركة، وبسبب توفر المال لديهم، وبعضهم ربما اضطر إلى الاستدانة من أجل أن يُحضر خادمة، ولو تعاون جميع أفراد البيت فيما بينهم في القيام بأعباء البيت لما احتاجوا إلى إحضار عاملة منزلية، فالبنت مثلاً تغسل الصُّحون وتغسل الملابس، والابن ينظف غرفته ويمسح النوافذ والأبواب، وابن آخر يمسح الجدران ويسقي الزرع، وبنتٌ أخرى تنظّف دورات المياه، والأم تُعدُ الطعام، والأب يُحضر احتياجات البيت ويُساعد أسرته في القيام بأعباء البيت، وحينئذٍ لو قامت كل أسرة بذلك لما احتجنا إلى أن نجلب خدماً من أي دولةٍ كانت، ولقلّت حينئذٍ الجرائم، ولقلّت المشكلات ولانخفضت نسبة السِّمنة لدى نسائنا بسب عدم الحركة، ولوفّرنا أموالاً طائلة بدلاً من أن نُعطيها هؤلاء الخدم لنقوّي اقتصادهم، ولحمينا أطفالنا، وهذه هي النقطة المهمة من الوقوع في أيدي هؤلاء المجرمات، لاسيما في حالة غياب الأهل عن البيت. وأنا أعلم أنّ ظروف الناس تختلف من أسرة لأسرة، وأعلم جيداً أيضاً أنّ هناك أسراً بحاجة ماسة إلى جلب خادمة منزلية لأسباب متعددة إما لمرض أحد أفراد الأسرة وعدم قدرته على الحركة أو كبر سنه، أو لوجود أطفال صغار والأمّ موظّفة ولا يوجد من يُمسكهم أثناء وجود الأمّ في وظيفتها، فهؤلاء الناس الظروف الصعبة هي ما أجبرهم على جلب خادمة منزلية، ولكني أعرف في المقابل أسراً كثيرة لا تحتاج إلى جلب خادمة منزلية، فالأمّ نشيطة الجسم وفي عمر الشباب وعاطلة عن العمل وسليمة من الأمراض، والأبناء كبار ويعتمدون على أنفسهم، والبيت صغير، ولكنهم يفعلون ذلك من أجل مُحاكاة المجتمع، ومن أجل الكسل كما قلت سابقاً، فهؤلاء يجب أن يتوقفوا عن جلب العمالة المنزلية وليعتمدوا على أنفسهم. ولنرجع إلى السيرة النبوية لنجد كيف أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى الرغم من مشاغله الكبيرة ومهامه العظيمة في الدعوة والجهاد وإيصال الإسلام إلى العالم أجمع، إلا أنه كان مع ذلك يخدم نفسه ويخدم أهله، فكان يحلب شاته ويخيّط ثوبه ويخصف نعله، وكان يقول خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، بينما بعضنا لا يقوم بخدمة أهله في أعمال البيت بالرغم من أنّ مشاغلنا مهما كثُرت فإنها لا تُعادل شيئاً من مشاغل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.