عَاصِمَةُ الكونِ و مِحْوَرُها فِي وَطَنِي عبدالمحسن محمَّد الحارثي إذا كانت الأرضُ بوَّابةَ السماء ، فإنَّ مكَّة المُكرَّمة عاصمتها ومحورها ، إنها أرضي الغالية ، ذات الجبال العاتية ، والجباه العالية ، حقٌ لها أن تفخر ، وحقٌ لنا أن نفتخر . أرضُ الجزيرة العربيَّة ، مهبط الوحي ، وموطن الرسالات . قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :( واللهِ إنِّي أعلمُ أنَّكِ خيرُ أرضِ الله ، وأحَبَّها إلى الله ،ولولا أهلكِ أخرجوني مِنْكِ ما خرجت)! إنَّ محبَّةُ الله ورسولة تتقدَّم على محبَّة الوطن ، ومحبَّة الوطن فِطْريَّة !! فهذا رسول الله ، يقول:( ما أطيبك من بلد – في إشارة واضحة إلى مكةالمكرمة- وأحبكِ إليَّ ، ولولا أنَّ قومي أخرجوني منكِ ما سكنت غيرك). الوطن هو الأرض ، الحنين ، الانتماء ، التضحية ، الوفاء ، والفِداء. حُبُّ الوطن يولد مع الإنسان ، فهو المكان المناسب للحب ، ولا أعرفُ مكاناً أفضل منها!! قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:( الخروج عن الوطن عُقُوبة) ، وقال عليه السلام :( حُبُّ الوطن من الإيمان). وطني السعوديَّة يغني عن النَّسب ، فليس لي ما أُضحِّي به من أجلها غيرُ دمي .. فمهما غلت التضحية ، فهي في سبيل الأوطان تهون. . وتمون المحبَّة الحقيقية حين يدعو الواجب ، وتزهو المحبَّة وتترنّم حينما يقع الخطر على ثراها العطِر ، فإنَّ في ترابها عطراً ، لا تعرفه حوانيت العطارين. خِدمةُ الوطن ، من خلال الأعمال النافعة والصالحة ، حيثُ يقول شوقي: وللأوطانِ في دمِ كُلِّ حُرٍّ ❄يدٌ سلفتْ ودينٌ مُستحقٌّ. يقول الإمام الغزالي:[ والبشر يألفُون أرضهم على ما بِها ، ولو كانت قفْراً مستوحشاً، وحُبُّ الأوطان غريزة مُتأصلة في النفوس ، تجعلُ الإنسان يستريح إلى البقاء فيه ، ويحنُّ إليه إذا غاب عنه ، ويُدافع عنه إذا هُوجم ، ويغضب لهُ إذا انتقص). وقد أفاض الشعراء والفلاسفة والحكماء بقولهم ، عن الوطن ، فهذا الشافعي – رحمه الله- يقول: تغرَّب عنِ الأوطانِ في طلب العُلى ❄وسافِرْ .. ففي الأسفار خمسُ فوائدِ. ويأتي رد القاضي الطرطوش ، مُعارِضاً الشافعي فيما قاله ، في البيت أعلاه ، إذْ يقول: تخلَّف عن الأسفار إنْ كُنتَ طالباً ❄ نجاةً .. ففي الأسفارِ سبع عوائقِ. نحنُ اليوم في أمس الحاجة ، لأن نعرفَ حدود أوطاننا ، ولنزرع في تلك الحدود أشجاراً طيبة ، لا تنموا إلا في تربة التضحيات ، وتُسقى بالعرق والدَّم. فارفع رأسك ، أنت سعودي ، بهمتك العالية تحيي الأُمَّة. . قال أبو الطيب المتنبي :( رُبَّ هِمَّة تُحيي أُمَّة). فمهما غرَّدت الطيور المهاجرة عن أسرابها ، تبقى الطيور الحُرَّة الأبيَّة في كُل الأوطان ، تنتظر إشارة الطيران ؛ لتُحلِّق ، كالطير الأبابيل ، على رُؤوس طيور الزينة والرذيلة والفُحش والعار ، لترميها بحجارةٍ من سجيل ، فتجعلهم كالعصف المأكول. لو تعلَّتْ هِمةُ الإنسان السعودي بالثريَّا لنالها ، في سبيل رِفعة الوطن ، وعينهُ لا ترى إلّا الشيء الكبير ، ، والشيء الكبير لا يأتي إلّا بالصبر الكبير ، والصبر الكبير نتيجتهُ هِمَّة عالية!! يقول طه حسين:( بُورك فيمن جمع بين همَّة الشباب ، وحِكمة الشيوخ)!! عاش مليكنا سلمان ، لهُ منَّا الوفاء ، في يوم الوفاء ، نُجدد الولاء والطاعة لولاة أمرنا ، ونرفع العقال لحامل الصعاب ابن سلمان محمد ، سمَّح الله خُطاه وجمَّلها ، بنجاح رُؤياه ، ومتعهُ بعمرٍ مديد ؛ ليرى اليوم الجديد ، وقد حانت قطائفه ، واستوت على الجودي مراكبه.