حب الوطن من الإيمان ومن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولا يوجد إنسان في الكون لا يحب وطنه أو لا يتمنى أن يموت من أجله، وحب الوطن لا يتعارض مع الدين الإسلامي، بل إن الدين الإسلامي يحث على حب الوطن وحمايته وحفظ ممتلكاته. قال تعالى (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في ثنائه وحبه لمكة المكرمة (ما أطيبك من بلد وما أحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك) هكذا ربانا الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معلم البشرية على حب الوطن، ولو أننا أدركنا ذلك لعرفنا كيف يتجلى حب الوطن في أجمل صوره وأروع معانيه. وجميع المخلوقات التي خلقها الله مفطورة على حب الوطن حتى الحيوانات، فالإبل على سبيل المثال تحن إلى أوطانها والطيور تحن أيضا إلى أعشاشها ولا ترضى بغير وطنها، فما بالنا بالإنسان الذي يشكل حبه لوطنه شيئاً كبيراً ومنهجاً عظيماً.. ويتضح هنا مدى تأثير الأرض والوطن في طبيعة وفطرة الإنسان، يقول الإمام الغزالي: (والبشر يألفون أرضهم على ما بها ولو كانت قفرا مستوحشا، وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه ويحن إليه إذا غاب عنه ويدافع عنه إذا هوجم ويغضب له إذا انتقص)، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه ويحبه، فالوطن مهد الصبا ومرتع الطفولة ومنبع الذكريات وموطن الآباء والأجداد. على أن يومنا الوطني لا يكون فقط بالاحتفالات والغناء والنشيد واللافتات والرقصات وما إلى ذلك من أهازيج معبرة بل يتجاوز ذلك إلى الالتزام بقيم المواطنة الصالحة والأخلاق السامية والسلوكيات النبيلة وأداء أعمالنا ورسالتنا وواجباتنا بكل أمانة ونزاهة، والحفاظ على ممتلكات الوطن والاخلاص له وحمايته بكل ما اوتينا من قوة. خاتمة.. للشاعر الكبير أحمد باعطب رحمه الله: قف يا زمان فها هنا الوطن العظيم المسجدان هنا وزمزم والحطيم