من الإيمان ومن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولا يوجد إنسان في الكون لا يحب وطنه أو لا يتمنى أن يموت من أجله، وحب الوطن لا يتعارض مع الدين الإسلامي، بل إن الدين الإسلامي يحث على حب الوطن وحمايته وحفظ ممتلكاته. قال تعالى (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في ثنائه وحبه لمكة المكرمة (ما أطيبك من بلد وما أحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك). يقول الإمام الغزالي: «والبشر يألفون أرضهم على ما بها ولو كانت قفرا مستوحشا، وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه ويحن إليه إذا غاب عنه ويدافع عنه إذا هوجم ويغضب له إذا انتقص». قال الحافظ الذهبي وهو يعدد محبوبات الرسول صلى الله عليه وسلم: «كان يحب عائشة رضي الله عنها، ويحب أباها رضي الله عنه، ويحب أسامة، ويحب سبطيه، ويحب جبل أحد، ويحب وطنه». والحديث عن الوطن حديث ذو شجون لا ينتهي، ولذلك حب الوطن غريزة لا تستغرب، ولكن الغريب أن يسيء الإنسان لوطنه بأي نوع من أنواع الإساءة، سواء بالقول أو بالفعل أو بالتصرف، ولا أعتقد أو أتصور من أي إنسان في قلبه ذرة من وطنية أو حب للوطن وهو أمر مغروس بالفطرة السليمة في النفوس سيقدم على عصيان ولاة الأمر رعاهم الله، أو سيتجرأ على ترويج الفكر الضال المسموم، أو سيضر البلاد أو العباد بتصرفاته أو إيذائه، أو سيسعى بين الناس ويختلق الأكاذيب والشائعات وإثارة الفتن، أو سيتجرأ على قتل الأبرياء والآمنين سواء كانوا مواطنين بجميع فئاتهم أو من رجال الأمن الذين يسهرون على حماية أمن الوطن وطمأنينته، على أن من تسول له نفسه الإقدام والتورط في مثل هذه التصرفات الإجرامية الرعناء خدمة لأجندات خارجية هو قطعا فاقد لوطنيته، وخائن للأمانة، مخالف لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويستحق أن يردع وينزل به أشد العقاب ليكون لغيره عبرة. قال الشاعر: بلادي هواها في لساني وفي دمي يمجدها قلبي ويدعو لها فمي ولا خير فيمن لا يحب بلاده ولا في حليف الحب إن لم يتيم ومن تؤوه دار فيجحد فضلها يكن حيوانا فوقه كل أعجم * أكاديمي سعودي [email protected]