عبدالرحمن حسن جان* سألني أحد معارفي وهو شاب حديث الزواج هل يستطيع مباشرة زوجته وهي حائض أو نفساء ؟ وقبل أن يسألني سأل ثلاثة من أصدقائه نفس السؤال فأجابه الأول انطلاقاً من وجهة نظره الخاطئة وليس من منطلق علمي أنه من باب الذوق لا ينبغي للزوج مباشرة زوجته وهي في تلك الحالة مراعاة لمشاعرها واعتبر أن ممارسته لهذا الفعل يعد من الأنانية ، وأن الواجب عليه الانتظار حتى تنتهي من حيضتها أو نفاسها ثم يباشرها بعد ذلك ، والصديق الثاني اقترح عليه الزواج بأخرى ، أما الأخير كان صديق سوء واقترح عليه ممارسة فاحشة الزنا والعياذ بالله عندما تكون زوجته حائض أو نفساء . لأهمية هذا الموضوع الذي ربما يجهله البعض أو أغلب حديثي الزواج أو حتى غيرهم ، والجهل به قد يصاحبه مشكلات أخرى مرتبطة بالعلاقة الزوجية قد تعصف بها وتدمرها ويؤول الأمر في النهاية إلى الإنفصال والتفكك الأسري ونشوء مشكلات جديدة مترتبة على جميع ماسبق ، لذلك وكهدف وقائي من المشكلات المتوقعة و المتنبأ بها و المحتمل حدوثها بحثت في موضوع مباشرة الزوجة أثناء الحيض أو النفاس واتضح أن : مباشرة الرجل وملاعبته لامرأته وهي في فترة الحيض أو النفاس على ثلاثة أقسام : أحدها : أن يباشرها بالجماع في الفرج , فهذا حرام بإجماع المسلمين . وبنص القرآن العزيز ، قال الله تعالى : { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } [البقرة:222] . القسم الثاني : المباشرة فيما فوق السرة وتحت الركبة بالقبلة أو المعانقة أو اللمس أو غير ذلك , وهو حلال باتفاق العلماء . انظر : “شرح مسلم” للنووي ، و”المغني” (1/414) . القسم الثالث : المباشرة فيما بين السرة والركبة في غير القبل والدبر , فهذا قد اختلف العلماء في جوازه . فذهب إلى تحريمه الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي . وذهب إلى جوازه الإمام أحمد ، واختاره بعض الحنفية والمالكية والشافعية . قال النووي : هو الأقوى دليلا وهو المختار اه . واحتج القائلون بالجواز بأدلة من القرآن والسنة : أما القرآن ، فاحتجوا بالآية السابقة : { فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } [البقرة:222] . قال ابن عثيمين في “الشرح الممتع” (1/413) : المحيض هو زمان الحيض ومكانه ، ومكانه هو الفرج فما دامت حائضا فوطؤها في الفرج حرام اه . وقال ابن قدامة في “المغني” (1/415) : فتخصيصه موضع الدم بالاعتزال دليل على إباحته فيما عداه اه . وأما السنة فروى أبو داود (272) عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم « أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا » . قال الحافظ : إسناده قوي اه . وصححه الألباني في صحيح أبي داود (242) . وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/395) : يحرم على الزوج أن يجامع زوجته في فرجها وهي حائض ، وله أن يباشرها فيما عداه اه. والأولى للرجل إذا أرد أن يستمتع بامرأته وهي حائض أن يأمرها أن تلبس ثوبا تستر به ما بين السرة والركبة ، ثم يباشرها فيما سوى ذلك . لما رواه البخاري (302) ومسلم (2293) عن عائشة قالت : « كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها » وروى مسلم (294) عن ميمونة قالت : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض » « في فور حيضتها » أي : أوله ومعظمه . قاله الخطابي . قال ابن القيم في “تهذيب السنن” عند شرح حديث رقم ( 2167 ) من عون المعبود : وحديث « اصنعوا كل شيء إلا النكاح» ظاهر في أن التحريم إنما وقع على موضع الحيض خاصة , وهو النكاح , وأباح كل ما دونه . وأحاديث الإزار لا تناقضه ، لأن ذلك أبلغ في اجتناب الأذى , وهو أولى اه . بتصرف . ويحتمل أن يفرق بين أول الحيض وآخره ، ويكون استحباب ستر ما بين السرة إلى الركبة خاصا بوقت نزول الدم بكثرة وهذا يكون في أول الحيض . قال الحافظ : ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد حسن عن أم سلمة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتقي سورة الدم ثلاثا ثم يباشر بعد ذلك . اه بتصرف . تنبيه : ما سبق من الأحكام تستوي فيها الحائض والنفساء . قال ابن قدامة رحمه الله بعد أن ذكر أقسام مباشرة الرجل لامراته وهي حائض ، قال : والنفساء كالحائض في هذا اه المغني (1/419) . *أخصائي أول اجتماعي