عبدالمحسن بن محمد الحارثي التفاؤل هو عُمدة النجاح في الحياة ، وهو من الله عزّ وجل ، والتشاؤم يُولد في دِماغ الإنسان ، وعمدتهُ التردد والفشل . يقول جبران خليل جبران ( المُتشائم لا يرى من الحياةِ سوى ظِلَّها). لقد باتت صُورة المتابعين لهذه الرُّؤية صورتان ، صُورة المتشائمين وهُم كثرة ، وصُورة المتفائلين وهُم قِلَّة . الرُّؤية – ياسادة يا كِرام- تصوّر مستقبلي للبلاد ، وهذه الرؤية هي التي تجعل الدول في مأمن من الوقوع في خطأ العشوائية والعبثيّة.. وهي كذلك تخلُق للخلّاق لها نوعاً من الطّاقة والعمل، خاصّةً إذا كانت تلك الرُّؤية واضحة ودافعة ومُؤثرة ، وهي تدُلُّ على بصر وبصيرة. لقد بنى نبيُّ الله نوح – عليه السلام- السفينة بكلِّ جلد وصبرٍ واقتدار ؛ تحقيقاً لتصوُّرِهِ الإلهي على الرّغم من سُخرية قومهِ من صنيعه، فقد كان يحمل في عقله تصوّر المُستحيل ، لا يراه قومه من طوفان عظيم .. قال تعالى:( ويصنعُ الفُلْك وكُلّما مرّ عليهِ ملأٌ من قومهِ سخروا منهُ ، قال: إنْ تسخروا مِنّا فإنّا نسخرُ منكم كما تسخرون) ، وتلك طبيعة المُتردِّدين المتشائمين. يجبُ علينا أن لا نسأم ، وأنْ نعقد من الخيل نواصي للخير ، وألّا نقنط من رحمة الله، يقول تعالى:( لا يسأم الإنسانُ من دُعاء الخير وإنْ مسّهُ الشرُّ فيَئُوس قنوط). المتفائلون هُم من يعتقدون أنّ الزواج أقلُّ كُلفةً من الخطبة! المتفائلون هم من ينظرون إلى عينيك ، لا إلى قدميك ! المتفائلون هُم من يقولون: إنَّ كأسي مملوءة إلى نصفها ! أمّا المتشائمون هُم من يقولون: إنّ نصف كأسي فارغ! لقد قسّم هيبوقراط النّاس إلى أنماطٍ أربعة: 1/ الصفراويُّون : وهُم ( حادُّوا الطبع متقلبو المزاج) . 2/ السوداوِّيون : وهُم( يميلون إلى الحزن ، والنظر إلى الحياة بنظرة سوداويّة)، وتلك طبيعة المُتشائمين. 3/ الِّلمْفَاوِيُّون : وهُم ( باردوا الطِّباع ، جافُّون). 4/ الدَّمَوِيُّون : وهُم ( يتميَزون بالمرح والأمل في الحياة ) وتلك طبيعة المُتفائِلين. أمّا فرويد فإنهُ يرى : أنَّ التفاؤل هو القاعدة العامة للحياة ، وأن التشاؤم لا يقع في حياة الفرد إلّا إذا كانت لديه عُقدة نفسيّة . إن التفاؤل هو مُعجزة الحياة الرائعة ، وهو ما يُعطي الحياة تفتُّقاً في الأُفق الذهني ،إذْ تخلق من الأزمة فرجاً ، ومن العُسر يُسراً ، ومن التعاسة سعادة . قال الشاعر: أُعلّل النفس بالآمال أرقبها ❄ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل. وعلينا في النهاية أنْ نضع نُصب أعيننا ، وأنْ يكون شعارنا ، قول الله عزّ وجل:( وعسى أنْ تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكُم وعسى أنْ تحبُّوا شيئاً وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).