اقترح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في خطابه السنوي عن حال الاتحاد أمس في ستراسبورج "إطارا" أوروبيا لضبط الاستثمارات الأجنبية في الاتحاد الأوروبي من أجل حماية القطاعات الاستراتيجية، يستجيب للمخاوف من عمليات الاستحواذ الصينية خصوصا. وبحسب "الفرنسية"، فقد قال يونكر: "نقترح إطارا جديدا للاتحاد الأوروبي حول التدقيق في الاستثمارات أو ما يسمى بمسح الاستثمارات. وإذا كانت شركة أجنبية عامة تريد شراء مرفأ أوروبي استراتيجي أو جزء من بنيتنا التحتية للطاقة أو إحدى شركاتنا في قطاع الدفاع، فلا يمكن أن يتم ذلك إلا بشفافية، عبر الدراسة العميقة والنقاش". وتابع يونكر أمام النواب الأوروبيين "من مسؤوليتنا السياسية معرفة ما يحدث على أرضنا لنكون قادرين على حماية أمننا الجماعي إذا احتاج الأمر"، وتدعم فرنسا وألمانيا وإيطاليا إمكانية منح المفوضية مزيدا من الصلاحيات في مراقبة الاستثمارات الأجنبية، وطلبت مرات عدة من المفوضية تقديم مقترحات في هذا المجال، خصوصا خلال القمة الأوروبية الأخيرة في نهاية حزيران (يونيو). لكن هذه الفكرة لا تلقى تأييد كل الدول الأعضاء، فبعض دول الجنوب مثل اليونان والبرتغال تحتاج إلى المال لإنعاش اقتصاداتها، وتخشى أن يعرقل إجراء من هذا النوع الاستثمار الأجنبي فيها، ويستهدف هذا الاقتراع خصوصا المستثمرين الصينيين الذين أثارت شهيتهم للشركات الصناعية الأوروبية المتطورة قلقا كبيرا في السنوات الأخيرة. من جهة أخرى، أعلن يونكر عزمه على تعزيز "البرنامج التجاري" للاتحاد الأوروبي، مضيفا أن "أوروبا منفتحة على التجارة، لكن المعاملة بالمثل مطلوبة، ويجب أن يكون ما نحصل عليه يساوي ما نقدمه"، معبرا عن نيته فتح مفاوضات تجارية مع أستراليا ونيوزيلندا على أمل أن تسفر عن نتيجة بحلول 2019. وأكد يونكر تأييده استحداث منصب وزير المالية والاقتصاد للاتحاد الأوروبي، ودعا إلى إنشاء سلطة مشتركة لضبط سوق العمل، ودعا يونكر إلى إنشاء سلطة مشتركة لتطبيق القوانين التي تنظم استقدام عاملين بنظام الإعارة، مؤكدا أنه في اتحاد تسوده المساواة لا يمكن أن يكون هناك عمال من الدرجة الثانية، مشددا على أن الذين يقومون بالعمل نفسه في المكان نفسه يجب أن يتلقوا الأجر نفسه، مقترحا إنشاء "سلطة أوروبية جديدة لضبط هذه الإجراءات وتنفيذها". وسعى رئيس السلطة التنفيذية الأوروبية "62 عاما" إلى تجاوز "الأزمة الوجودية" التي يمر بها الاتحاد الأوروبي وتحدث عنها قبل عام، في إطار الأزمات الاقتصادية وأزمة المهاجرين والاستفتاء على خروج بريطانيا من التكتل وتصاعد التشكيك في جدوى الوحدة الأوروبية. ودعا يونكر إلى عقد قمة طارئة للاتحاد بعد يوم من خروج بريطانيا من الاتحاد المقرر نهاية آذار (مارس) 2019، وقال يونكر "أدعو رئيس مجلس الاتحاد دونالد توسك ورومانيا، التي ستتولى رئاسة الاتحاد في ذلك التوقيت، إلى تنظيم قمة طارئة للاتحاد في 30 آذار (مارس) 2019 في مدينة سيبيو الرومانية. وآمل أن تصحو الأوروبيات والأوربيين في ذلك اليوم على اتحاد نلتزم فيه جميعا بقيمنا ويحترم فيه كافة أعضائه سيادة القانون". واعتبر يونكر أن أوروبا انتعشت مجددا. "وأصبحت لدينا نافذة على فرصة، لكنها لن تبقى مفتوحة إلى الأبد"، داعيا إلى بذل أقصى الجهود للاستفادة من هذه الديناميكية. وفي الواقع بدأ النمو يتقدم في الدول ال 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبطالة تتراجع بينما تمت السيطرة على تدفق اللاجئين كما يبدو، ويأمل الاتحاد الأوروبي أن يكون ذلك بداية تعافيه. وعلى الرغم من أن السنوات الثلاث من ولايته غلبت عليها "إدارة الأزمة" على حد تعبير النائب الأوروبي البلجيكي جي فرهوفشتات، فقد شدد يونكر على أن المفوضية قدمت حتى الآن "80 في المائة من المقترحات التي وعدت بها في بداية ولايته"، وبقي لدى يونكر 16 شهرا لتنفيذ مشروعه بينما تنتهي ولايته في خريف 2019، بعد أسابيع من الانتخابات الأوروبية التي ستجرى في الربيع. من جهة أخرى، أوضح يونكر أن المنتجات التي يتم بيعها، تحت نفس العلامات التجارية وبنفس التعبئة يتعين أن يكون لديها نفس الجودة في مختلف أنحاء أوروبا، في مسعى إلى استرضاء دول الاتحاد الأوروبي التي تقول "إنها تتلقى منتجات رديئة الجودة". ويشكو عديد من الدول في وسط وشرق أوروبا من أن المنتجات الغذائية وغير ذلك من المنتجات، التي يتم بيعها إليها تشمل مكونات أقل جودة عن منتجات يتم بيعها، تحت نفس العلامات التجارية في غرب أوروبا. وأشار يونكر إلى أن معايير الجودة يجب تطبيقها بشكل موحد في مختلف أنحاء أوروبا، "ففي اتحاد يحرص على المساواة، لا يمكن أن يكون هناك مستهلكون من الدرجة الثانية. ولا يستحق السلوفاك أن يكون لديهم سمك أقل في أصابع السمك، والمجريون يكون لديهم لحم أقل في وجباتهم والتشيك كاكاو أقل في الشيكولاتة". وأضاف أن "تلك الممارسات محظورة قانونا بالفعل من قبل الاتحاد الأوروبي، غير أن السلطات الوطنية يجب أن تكون مجهزة بشكل كاف لكي تكون قادرة على تطبيق معايير الجودة".