كثر الحديث في السنوات القليلة الماضية عن نقص فيتامين( د) الحاد الذي أصبح شائعا بنسب عالية جداً في معظم المجتمعات على حد سواء حيث أجريت عدة دراسات حديثة في المملكة العربية السعودية وخلصت على أن النقص الشديد لفيتامين (د) سائد بين السعوديين الطبيعيين بشكل كبير جدا، تصل هذه النسبة إلى 97% في بعض الدراسات بل أن دراسة أجريت في مدينة جدة ونشرت في المجلة الطبية السعودية وجدت نسبة نقص فيتامين د بين السعوديين تصل إلى 100%. وزاد التركيز والاهتمام على المستوى الطبي لعلاقته المباشرة وغير المباشرة بالعديد من الأمراض بدءً من أمراض الكساح أو لين العظام في الأطفال وهشاشة العظام في الكبر وأمراض القلب والشرايين والتصلب المتعدد وأمراض السرطان وحتى زيادة الوزن ، ونظراً لأهمية هذا الموضوع سوف نعرض بالتفصيل أهمية هذا الفيتامين ومشاكل نقصه وطرق الوقاية والعلاج . * لقاءنا مع الدكتورة نرمين محمد نادر أخصائية التغذية العلاجية وجهنا لها بعض الأسئلة حول الموضوع س _ إذا أمكن نبذه عن فيتامين( د ) ودوره في الجسم ؟ خلال العشر سنوات الأخيرة تغيّر المنظور إلى التغذية تغيراً ملموساً لأن العلم كشف عن أن التغذية ليست عمليات بسيطة يمكن التعامل مع كل منها على حدة، إنما هي مجموعة من العمليات المعقدة المرتبطة ببعضها، ومن الأمثلة البارزة على نقص المعلومات وعدم تكاملها مثال فيتامين د ودوره الكبير في الجسم. فيتامين د من الفيتامينات التي تذوب في الدهون، يأتي في شكلين رئيسيين، ergocalciferol، والمعروف باسم فيتامين D-2، و cholecalciferol أو فيتامين D 3؛ النباتات تصنع D-2، ويتم الحصول على D-3 عند تعريض الجسم لأشعة الشمس و كلاهما فعال ولكن تشير الدراسات أن D 3 أكثر فعالية ثلاث مرات بتعديل النقص وأطول عمراً داخل الجسم ويمر فيتامين د بعمليات كيميائية طبيعيّة ليتفعّل داخل الجسم، وتوفر فيتامين د المفعّل في الجسم ضروري لأن فيتامين د يعمل كفيتامين وكهرمون، فهو ضروري لتفعيل امتصاص الكالسيوم والفسفور والاستفادة منهما لعظام وأسنان قويّة و أيضا الحماية من مرض هشاشة العظام وارتفاع ضغط الدم، وهو مهم لعمل القلب والجهاز العصبي. كما أن فيتامين (د) مرتبط بمشاكل صحية أخرى مثل سرطان الثدي، وأمراض المناعة الذاتية والسكري وحتى زيادة الوزن والسمنة وكشفت دراسة نشرت في عدد مارس 2010م من دورية Clinical Endocrinology and Metabolism أن 59 % ممن شملتهم الدراسة لديهم نقص في فيتامين د في الدم، وحوالي ربعهم يعانون من نقص حاد في فيتامين د. وأهم معلومة تركز عليها الدراسة هي أن نقص فيتامين د يؤدي إلى ضعف العضلات وإلى زيادة حجم وعدد الخلايا الدهنية في الجسم مما يؤدي إلى السمنة، والسمنة مرتبطة بآفات خطيرة عديدة من أمراض قلب وضغط وسكري وهشاشة عظام س_ العلاقة بين نقص فيتامين (د) وزيادة الوزن ؟ حتى وقت قريب، كان العلماء يعتقدون أن الوظيفة الأساسية البيولوجية لفيتامين D هو مساعدة الجسم في امتصاص الكالسيوم والتي تساعدك على بناء عظام قوية، وتجنب هشاشة العظام ومع ذلك، وفقا ل "مجلة التغذية"، ترتبط المستويات المنخفضة من فيتامين D3 بالأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة. نقص فيتامين (د) يؤدي إلى اضطراب في الأداء السليم للهرمون Leptin ، حيث يتم إنتاج الهرمون Leptin في خلايا الجسم الدهنية وهو مساهم رئيسي في تنظيم وزن الجسم. حيث ان وظيفية الهرمون Leptin إعلامك عندما تكون شبعان،ولكن نقص في فيتامين (د) يعطل هذا الاتصال مما يسبب في كثير من الأحيان اتجاه الناس إلى وجبة دسمة رغم عدم حاجة الناس لها . يساعد فيتامين د في إنقاص الوزن بثلاث طرق : 1- يعمل على ارتفاع هرمون الغدة الجار الدرقية والذي يساعد في حرق الدهون. 2- ينشط اللبتين والذي يرسل إشارات الشبع إلى الدماغ. 3- يزيد من حساسية الأنسولين الذي يساعد الجلوكوز للوصول إلى الخلايا وحرقها لإنتاج الطاقة. الكالسيوم : يساعد الكالسيوم في عملية إنقاص الوزن عن طريق حرق الدهون المخزنة في الجسم بشكل أسرع حيث يرتبط الكالسيوم مع بعض الدهون الموجودة بالجسم ويمنع من امتصاصها فوجود مستويات عالية من الكالسيوم يساعد على حرق الدهون ومنع زيادة الوزن وعندما يكون لديك نقص في فيتامين ( د )، تفقد هذه الحماية ضد الدهون في الجسم ويزيد الوزن. وذلك لأن فيتامين ( د ) يساعد على امتصاص الكالسيوم في الجسم ومن أهم فوائد الكالسيوم التي يجهلها الكثيرون بخلاف أهميته لبناء العظام هو أنه يساعد على زيادة معدل حرق الدهون في الجسم والدليل على ذلك أن أي نظام غذائي لابد وأن يحتوى على أغذية تحتوى على الكالسيوم والتي من أهمها منتجات الألبان ( الزبادي- واللبن – الحليب – الأجبان) قليلة الدسم وذلك لأنها مصادر ممتازة للحصول على كميات كافية من الكالسيوم . و يجب على كل من يرغب في تخفيف وزنه أن يحصل على حصتين يوميا من الكالسيوم ومن الأفضل أن تكون من المنتجات قليلة أو منزوعة الدسم حتى تؤدى الغرض منها . و هناك دراسات أخرى سابقة توصلت إلى أن الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية تتضمن تناول كميات كافية من الكالسيوم يستطيعون تخفيض أوزانهم الزائدة أسرع من غيرهم الذين لا يتناولون الكالسيوم إلا قليلا . و تناول الكالسيوم لا يساهم فقط في تخفيض الوزن وإنما أيضا في الحد من إفراز الجسم للمزيد من الدهون وبالتالي يساهم في حفاظ الجسم على الوزن الذي يصل إليه لفترة طويلة دون زيادة سريعة بالإضافة إلى أن منتجات الألبان تساهم بشكل واضح في الشعور بالشبع والامتلاء لفترة تصل إلى 3 أو 4 ساعات بعد تناولها. ونؤكد على أن تناول المكملات الغذائية التي تحتوى على الكالسيوم لا تفيد كثيرا في ذلك بل قد تكون لها أضرار على الكليتين على المدى الطويل . س_ماهي أسباب نقص فيتامين ( د ) ؟ – قلة تناول الأطعمة التي تحتوي على فيتامين د – قلة التعرض للشمس خاصة أول النهار وآخره. – نفاذ المخزون من الفيتامين ( د ) في الجسم فهو يخزن في الخلايا الدهنية. – السمنة الزائدة فهي تقلل نسبة الاستفادة من الشمس وتصعب على الجسم استخراج مخزون الفيتامين من الخلايا الدهنية. – وجود التهاب أو نمو لبكتيريا ضارة حيث يستهلك الجسم المخزون أثناء محاربتها. – نمو بكتيري يفرز مواد مثل كوكسين تمنع من تحول فيتامين "د" إلى النوع النشط D-25 في الكلى. – ضعف الكلى أو الفشل الكلوي حيث لا يتم تحول الفيتامين إلى النوع النشط ويضعف مع الغسيل الكلوي س_كيف يتم التعرف على مستوى فيتامين د في أجسادنا؟ يتم التعرف على وضع فيتامين د في الجسم عن طريق قياس مستوياته في الدم، و يعتبر المستوى ناقصاً بشكل كبير عندما يكون مستواه في الدم اقل من 20 نانو جرام في الملم (نج/م) ونقص متوسط إذا كان أقل من 30 نج/م و دون المستوى المطلوب إذا كان أقل من 50 نج/م بينما يحبذ أن يكون مستوى فيتامين د فوق مستوى50 نج/م. س_ماهي مصادر فيتامين ( د ) ؟ هناك مصدران أساسيان لفيتامين د هما الجلد من خلال التعرض لأشعة الشمس والغذاء. تزودنا الشمس بالأشعة فوق البنفسجية والتي يستخدمها الجلد لصنع فيتامين د بالنسبة للتعرض لأشعة الشمس فالإنسان بحاجة إلى تعريض جسمه مباشرة لأشعة الشمس بما في ذلك الأطراف ونظرا لحرارة الشمس والحاجة إلى التعري والتعرض الفعال فهذه الطريقة يصعب تطبيقها في مجتمعاتنا الإسلامية المحافظة، كذلك تتجنب النساء هذا التعرض محافظة على لون البشرة. إن أفضل وقت للتعرض للشمس هو عندما تكون الأشعة قريبة من العمودية أو العمودية أي في الفترة ما بين 10 صباحاً إلى 2 ظهراً وتتناسب كمية تكون فيتامين د تحت الجلد طردياً مع مدة التعرض لأشعة الشمس ومساحة الجلد المعرضة ويكفي تعريض 40% من الجسم لأشعة الشمس المباشرة لمدة تتراوح بين 15-20 دقيقة من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعيا . على الرغم من أن أشعة الشمس هي المصدر الرئيسي لفيتامين د ، فإن فيتامين (د) يمكن العثور عليه في منتجات الألبان والأسماك الدهنية والأطعمة المدعمة بفيتامين د مثل الحبوب والعصائر، لكن حتى مع جميع هذه المصادر فقد وجدت أبحاث سابقة أن النساء ولاسيما المسنات لا يحصلون على ما يكفيهن . س_كيف أحصل على احتياجي من فيتامين (د) ؟ يحتاج الإنسان البالغ إلى استهلاك 800 وحدة عالمية من هذا الفيتامين أما الأطفال فهم بحاجة إلى أخذ 400 وحدة يوميا ولكن هذه الكمية يصعب الحصول عليها عن طريق الطعام فقط وذلك لقلة الأطعمة الغنية بفيتامين د. فمن الأطعمة الغنية نسبياً بفيتامين د هي لحم سمك السالمون والتونة حيث استهلاك مئة جرام منها يعطي فقط 350 وحدة عالمية، كذلك استهلاك الحليب 200 ملم تعطي فقط مئة وحدة عالمية. فالإنسان الطبيعي بحاجة إلى استهلاك ربع كيلو من سمك السالمون أو شرب لتر ونصف من الحليب يوميا للحصول على الكمية اللازمة للجسم ‘ لذلك نحن في حاجة إلى مصادر أخرى غير الطعام والتعرض لأشعة الشمس لتزويد أجسادنا بهذا الفيتامين الحيوي الهام إبدأ يومك بشرب الحليب المدعوم بفيتامين د ، بعض عصائر البرتقال وحبوب الكورن فلكس يضاف لها الفيتامين أيضاً الأسماك وخاصة الدهنية مثل السلمون والتونة والسردين تعتبر مصدر جيد للفيتامين فمقدار 90 جرام من سمك السلمون المطبوخ يمكن أن يوفر ما يقرب من200٪ من القيمة اليومية الموصى بها من الفيتامين و يمكن أيضاً تناول الفطر للحصول عليه. مصادر غذائية أخرى من الفيتامين تشمل صفار البيض وزيت كبد سمك والكبد، لحوم البقر واللبن وبعض الأجبان بالإضافة لتعرض لأشعة الشمس لمدة تتراوح بين 15-20 دقيقة من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعيا س_إذا كان الغذاء والتعرض لأشعة الشمس غير كافيين للحصول على فيتامين د .فكيف يتم تزويد أجسادنا بكميات كافية منه؟ كما ذكر سابقا بأن التعرض لأشعة الشمس و استهلاك الأطعمة الغنية بهذا الفيتامين غير كافية لتزويد الجسم بالكميات اللازمة ‘ لذلك تحرص كثير من الدول على إضافة فيتامين د إلى العصيرات والحليب و أنواع الأغذية الأخرى لضمان استهلاك كميات كافية منه. ولابد أن تبذل الجهود لتوعية الناس وخاصة في المدارس لأهمية هذا الفيتامين الحيوي‘ كذلك يستلزم الأمر إلى إيجاد توصيات طبية تساعد على تشخيص وعلاج النقص في مراحله الأولية و يعتبر اخذ أقراص فيتامين د الطريقة المثلى لإمداد الجسم بكميات كافية تفي بحاجته ويجب الانتباه إلى أن الفيتامينات المتعددة تحتوي على كميات مختلفة من الفيتامين د تتراوح من 200 إلى 400 وحدة عالمية ويجب الحذر من عدم تناول هذه الكميه عن طريق أخذ أقراص الفيتامينات المتعددة تجنبا لتلقى كميات عالية من الفيتامينات الأخرى والتي قد يؤدي استهلاك كميات كبيرة منها إلى الأضرار بالجسم . س_هل هناك داعي لأخذ المكملات الغذائية؟ ينصح العديد من الخبراء بأخذ المكملات الغذائية التي تحتوي على الفيتامين في حالة النقص الحاد و يوصى بأخذ 800 وحدة عالمية من الفيتامين يومياً للبالغين وتأتي بعض الحبوب مدمجة مع الكالسيوم ويمكن تعوض النقص عن طريق كورس الإبر أو الحبوب عالية الجرعة مدة 3 أشهر تقريبا تحت إشراف طبي وحسب معدل النقص. س_هل هناك أدوية تغير من مستوى فيتامين( د ) ؟ أدوية ترفعه كأدوية الستاتين Statins التي تقلل من الدهون كالليبيتور Lipitor ومدرات البول من مجموعة الثيازيد Thiazides أدوية تخفضه كحبوب الكورتيزون prednisolone أدوية إنقاص الوزن من مجموعة الأورليساتات كال Xenical و Alli أدوية معالجة الدهون من مجموعة ال Cholestyramine أدوية الصرع نفس ال Dilantin أدوية معالجة الدرن س_هل هناك خطر للتسمم ب فيتامين( د ) ؟ إن العلاج بفيتامين (د) الخام سواء بالحقن أو العقاقير مأمون جدا ولا يمكن الوصول لمرحلة التسمم إلا بإعطاء جرعات تفوق الجرعات العلاجية بأضعاف وهذا غالبا لا يحدث ، كما أن الجسم يحتفظ بالفيتامين في حالته الخام الخاملة وينشطه حسب الحاجة ولكن يجب أخذ الحيطة من كمية الكالسيوم لأن العلاج بفيتامين (د) يزيد من قابلية الجسم على امتصاص الكالسيوم مع الحذر من تناول الفيتامين (د) النشط لأنه لا يستعمل إلا في حالات محدودة جدا مثل الفشل الكلوي ونقص هرمون (الجار درقية). س- ما العوامل التي تسهم في نقص فيتامين (د) والسبل الوقائية؟ إن المجتمعات العربية بشكل عام والمجتمع السعودي بشكل خاص لديها تركيزات منخفضة لفيتامين (د) ويعد هذا نذيرا ومؤشرا لمشاكل صحية خطيرة.وقد يكون السبب الرئيسي لهذا النقص هو الانخفاض في إنتاج الجسم الطبيعي لفيتامين (د) بسبب قلة التعرض لأشعة الشمس بقدر كاف ليقوم الجسم بتصنيع احتياجاته من هذا الفيتامين. وقد أكدت دراسات حديثة أن كمية فيتامين (د) الغذائية المتناولة عن طريق الغذاء قليلة وغير كافية لسد احتياجات الجسم وذلك لعاملين أولهما عدم توفر هذا الفيتامين بشكل كبير في المنتجات الغذائية والثاني هو عدم تناول الحليب ومنتجات الألبان والأسماك بصورة كافية. وعموما فهذه الأغذية بحاجة إلى تدعيمها بفيتامين د حتى تستطيع إمداد الجسم باحتياجاته. إن الاستهلاك الغذائي لفيتامين (د) في المملكة العربية السعودية هو 100 وحدة دولية (50) وهي نسبة منخفضة جدا بالمقارنة مع الاستهلاك اليومي الموصى به دوليا من فيتامين (د) وهو 800 وحدة دولية وهذا الاستهلاك الموصى به هو للأشخاص الذين لديهم نسبة طبيعية من الفيتامين بالدم، أما إذا كان هناك نقص لهذا الفيتامين بالجسم فهذا يحتاج لجرعات قد تكون كبيرة لسد النقص ثم لجرعات أقل بشكل دائم للمحافظة على المستوى بالدم ضمن النطاق الطبيعي‘ هذا الاستهلاك المنخفض من فيتامين (د) يعتبر غير كاف لتحقيق التوازن بين فيتامين (د) المخزن بالجسم واستهلاك الجسم له، دون التعرض الكافي لأشعة الشمس وبالتالي قد يكون التعويض البديل الوحيد هو عن طريق تدعيم الأغذية به. وتحتاج المملكة إلى برنامج شبيه لبرنامج تدعيم الحليب في ثلاثينات القرن الماضي في الولاياتالمتحدة الذي أدى إلى القضاء على الكساح هناك‘ كما أن عدة بلدان أخرى تستهلك كمية كبيرة من فيتامين (د) في المدخول الغذائي من خلال تدعيم الأغذية، المكملات الغذائية أو الاستهلاك الكبير للأسماك.