يعرف فيتامين د بدوره الأساسي في المحافظة على نمو وصلابة العظام وفي حالات نقص هذا الفيتامين لا تستطيع الأمعاء امتصاص الكالسيوم من الطعام مما يؤدي إلى استخدام خلايا الجسم لمخزون الكالسيوم الموجود في العظام وبالتالي يؤدي إلى لينها وسهولة كسرها . كذلك في السنوات الأخيرة أبرزت الدراسات العلمية أن فيتامين د يقوم بأدوار أخرى هامة وأساسية. فنقص هذا الفيتامين الحيوي يرتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالأورام وإختلال الجهاز المناعي والإلتهابات البكتيريه. كذلك يعتقد أن هذا الفيتامين يلعب دورمهم في التحكم بجينات الجسم . ولاحظت بعض الدراسات أن المرضى المصابين بأمراض الأوعية الدموية والشرايين التاجية للقلب يعانون من نقص في فيتامين د. ماهى مصادر فيتامين د؟ هناك مصدران أساسيان لفيتامين د هما الجلد من خلال التعرض لأشعة الشمس والغذاء. تزودنا الشمس بالأشعة فوق البنفسجية والتي يستخدمها الجلد لصنع فيتامين د. بالنسبة للتعرض لأشعة الشمس فالإنسان بحاجة إلى التعري وتعريض جسمه مباشرة لأشعة الشمس بما في ذلك الأطراف لمدة خمسة عشر دقيقة أربع مرات أسبوعياً. ونظرا لحرارة الشمس والحاجة إلى التعري والتعرض الفعال فهذه الطريقة يصعب تطبيقها في مجتمعاتنا الإسلامية المحافظة. كذلك تتجنب النساء هذا التعرض محافظة على لون البشرة. أما بالنسبة للغذاء فيحتاج الإنسان البالغ إلى استهلاك 800 وحدة عالمية من هذا الفيتامين أما الأطفال فهم بحاجة إلى أخذ 400 وحدة يوميا. ولكن هذه الكمية يصعب الحصول عليها عن طريق الطعام فقط وذلك لقلة الأطعمة الغنية بفيتامين د. فمن الأطعمة الغنية نسبياً بفيتامين د هي لحم سمك السالمون والتونة حيث استهلاك مئة جرام منها يعطي فقط 350 وحدة عالمية . كذلك استهلاك الحليب 200 ملم تعطي فقط مئة وحدة عالمية. فالأنسان الطبيعي بحاجة إلى أستهلاك ربع كيلو من سمك السالمون أوشرب لتر ونصف من الحليب يوميا للحصول على الكمية اللازمة للجسم. لذلك نحن في حاجة إلى مصادر أخرى غير الطعام والتعرض لأشعة الشمس لتزويد أجسادنا بهذا الفيتامين الحيوي الهام. كيف يتم التعرف على مستوى فيتامين د في أجسادنا؟ يتم التعرف على وضع فيتامين د في الجسم عن طريق قياس مستوياته في الدم. و يعتبر المستوى ناقصاً بشكل كبير عندما يكون مستواه في الدم اقل من 20 نانو جرام في الملم (نج/م) ونقص متوسط إذا كان أقل من 30 نج/م و دون المستوى المطلوب إذا كان أقل من 50 نج/م بينما يحبذ أن يكون مستوى فيتامين د فوق مستوى50 نج/م. تمتاز المملكة العربية السعودية بالشمس الحارة. فهل هناك نقص في فيتامين د لدى السعوديين؟ قمنا بإجراء دراسة ميدانية للنظر في معدلات هذا الفيتامين لدى البالغين السعوديين لكلا الجنسين حيث شملت الدراسة 489 شخصاً. وأقيمت هذه الدراسة عن طريق التعاون بين جامعة الملك سعود وجامعة هارفارد الأمريكية وتم إجراء القياسات المخبرية لدى مركز د.سليمان الحبيب الطبي بالرياض. وقد أظهرت الدراسة أن 39% من النساء لديهن نقص متقدم في مستوى هذا الفيتامين المهم تحت مستوى 20 نج/م بينما يعاني 28% من النساء من نقص فيتامين د تحت مستوى 30 نج/م. وفقط 5% هن اللائي يصل مستوى فيتامين د إلى فوق 50 نج/م. وهذا النقص الواضح ليس محدودا على النساء كما يعتقد البعض عادة بل يشمل كذلك الرجال. حيث إن 16% من الرجال لديهم نقص متقدم في مستوى هذا الفيتامين المهم تحت مستوى 20 نج/م بينما يعاني 27% منهم من نقص فيتامين د تحت مستوى 30 نج/م. وفقط 7% هم الذين يصل مستوى فيتامين د إلى فوق 50 نج/م. وبالرغم من أن الدراسة أجريت في مدينة الرياض فالمتوقع أن يكون الوضع مشابه في المناطق الأخرى. فمدينة الرياض يقطنها أشخاص يمثلون كافة مناطق المملكة كذلك تعتبر الرياض من أشد المناطق حرارة بسبب أشعة الشمس. إذا كان الغذاء والتعرض لأشعة الشمس غير كافيين للحصول على فيتامين د .فكيف يتم تزويد أجسادنا بكميات كافية منه؟ كما ذكر سابقا بأن التعرض لأشعة الشمس و استهلاك الأطعمة الغنية بهذا الفيتامين غير كافية لتزويد الجسم بالكميات اللازمة. لذلك تحرص كثير من الدول على إضافة فيتامين د إلى العصيرات والحليب و أنواع الأغذية الأخرى لضمان استهلاك كميات كافية منه. ولابد أن تبذل الجهود لتوعية الناس وخاصة في المدارس لأهمية هذا الفيتامين الحيوي. كذلك يستلزم الأمر إلى ايجاد توصيات طبية تساعد على تشخيص وعلاج النقص في مراحله الأولية. و يعتبر اخذ أقراص فيتامين د الطريقة المثلى لإمداد الجسم بكميات كافية تفي بحاجته. ويجب الانتباه إلى أن الفيتامينات المتعددة تحتوي على كميات مختلفة من الفيتامين د تتراوح من 200 إلى 400 وحدة عالمية. لذلك إحرص عزيزي القارئ على أخذ كميات إضافية من الأقراص التي تحتوي على فيتامين د فقط حتى تتأكد من استهلاك 800 وحدة اللازمة للجسم. ويجب الحذر من عدم تناول هذه الكميه عن طريق أخذ أقراص الفيتامينات المتعددة تجنبا لتلقى كميات عاليه من الفيتامينات الأخرى والتي قد يؤدي استهلاك كميات كبيرة منها إلى الأضرار بالجسم . وقد شارك في هذه الدراسة المهمة فريق طبي مكون من د.عبدالكريم السويداء و د.عبدالله السياري و د. دجانة موسى و د. فايز الحجيلي و د. علي الحربي و د.عبدالرحمن هاوساوي و د. أجي سنق و د. ميتال بهارتي و د. يوسف فراج . * أستاذ مشارك - كلية الطب - جامعة الملك سعود