كشفت جولة على عدد من المنازل التي تم بناؤها حديثا في حي العزيزية، جنوبي الرياض، عن وجود تصدعات في بعض المباني، الأمر الذي يهدد حياة ساكنيها بالخطر، خصوصا بعد زيادتها نظرا لعدم جودة البناء رغم أن أعمار هذه المباني لم تتعد السنوات، حيث تعد أبنية حديثة المنشأ، ويعود السبب الرئيس لهذه التصدعات بحسب السكان لرداءة بنائها التجاري الذي يغلب عليه التهاون من قبل مستثمرين غير عابئين بالأرواح التي قد تفقد تحت مبانيهم المتهلهلة. وأكد سكان بعض هذه المنازل مخاطبتهم لملاك هذه المباني وتوضيح حالتها إلا أنهم لم يجدوا ردا منهم حتى الآن. ووفقا لصحيفة الاقتصادية أوضح سالم الدوسري أحد سكان تلك المباني، أنه بعد انتقاله إلى المنزل الجديد بدأ المنزل والساحة الخارجية له بالهبوط إلى أسفل وبدأت الجدران في الانشقاق إلى أن أوشكت على الانهيار، مشيرا إلى أن الهبوط الحاصل في الساحة الخارجية للمنزل يتسبب في تجمع المياه داخل المنزل أثناء المطر أو أثناء عملية التنظيف ما دعاه إلى عمل صيانة لتصريف المياه من المنزل إلى الخارج. ومن جهته قال عبدالله الفلاج المحامي رئيس اللجنة الوطنية للمحامين، إن بعض المستثمرين العقاريين يقومون بعمليات الغش والتدليس باستخدامهم منتجات رديئة، التي بدورها أسهمت في انهيار الأرضيات، وتكسر الشبكات الداخلية، وتعطل الكهرباء، وذلك بهدف التوفير وزيادة الربح المادي. وحول الجانب القانوني أبان الفلاج أن كلا من "المستثمر العقاري، المقاول المنفذ، المسوق، والاستشاري والمشرف على المباني" مسؤولون مسؤولية مدنية وجنائية، حيث إنهم يتحملون التعويضات عن جميع الأضرار الناشئة عن أي أخطاء أو إهمال أو تقصير، حيث يستطيع المواطن إدخالهم إلى الدعوى وذلك بسبب تحملهم المسؤولية مجتمعين. وطالب الجهات المسؤولة بحماية المواطنين ممن قاموا بشراء العقارات الجاهزة من عمليات الغش والتدليس التي يمارسها تجار العقار وذلك من خلال سن ضوابط وقوانين لحماية المشتري وإلزام المستثمرين بالتنفيذ الهندسي الصحيح ومتابعتها بعد التنفيذ. ومن جهته دعا محمد حفور المستشار في المجلس البلدي، المواطنين المتضررين من المستثمرين العقاريين وممن لديهم صكوك عقارية وأوراق نظامية أن يتقدموا بشكاوى في مراكز البلدية التابعة لهم، حيث سيتم إحالة المستثمرين العقاريين المخالفين للبناء الصحيح والمتواطئين معهم في عملية بناء الوحدات السكنية، إلى الجهات المعنية لفتح تحقيق في المخالفات. وأفاد حفور أن البلدية ستقوم باتخاذ الإجراء المناسب حيال التعويض، وذلك بعد أن تقوم لجنة معينة بالوقوف على الحالة ودراستها للتأكد من وجود ضرر، وسيتم إحالة المخالفات إلى الجهات ذات العلاقة. وأبان المستشار محمد حفور أنه في حال لم تتجاوب البلدية مع المواطنين المتضررين فإن عليهم رفع شكاوى لوزير الشؤون البلدية والقروية. وبدوره قال" عبدالناصر العبداللطيف المتحدث الرسمي في الهيئة السعودية للمهندسين، إن التشققات والتصدعات في المباني من أهم المؤشرات عن حالة المنزل، وأن اتساعها وعمقها يعطيان انطباعا عن درجة تأثيرها على المنازل، إضافة إلى استمرارها في الظهور، شارحا ذلك بقوله، "التشققات تقسم وفقا لنوعها في المنازل، فمثلا هناك التشققات البسيطة والتشققات الخطيرة، فالتشققات البسيطة هي غالبا تكون غير مؤثرة إنشائيا وتكون في طبقات ومواد التشطيب كالناتجة عن الانكماش أو الهبوط أو التقلص المبكر أو الجفاف، أو التشققات الخارجية الناتجة عن زيادة الحمولات أو سوء استخدام المبنى أو سوء التنفيذ أو سوء التصميم أو عدم استعمال مواد مطابقة للمواصفات". بينما يأتي الشق الآخر في التشققات الخطيرة التي تؤثر على المباني إنشائيا وأسبابها عديدة، منها ضغط التربة نتيجة عدم "دمك" التربة جيدا أو عدم إجراء دراسات للتربة قبل البناء فتكون غير صالحة للبناء وتكون بحاجة للاستبدال بتربة مناسبة، أو عدم حساب تأثير الأحمال الثابتة مثل تلك الأحمال الناتجة عن المبنى نفسه، إضافة إلى تغير نسبة الرطوبة في التربة وتغير نسبة الرطوبة نتيجة امتصاص المياه فيها بواسطة جذور النباتات والمزروعات، وهناك احتمالات تغير تأثير الأحمال الديناميكية بسبب وجود أعمال حفر بجوار المبنى مما يسبب فقد دعامات الارتكاز بسبب زحف التربة أو هروبها. وعن دور الهيئة السعودية للمهندسين في هذا الجانب أبان عبدالناصر العبداللطيف قائلا: «إن دور الهيئة هو اعتماد المهندسين وتقوم بتأهيلهم وتصنيف خبراتهم لضمان جودة أعمالهم، حيث قامت الهيئة بالكشف على عدد من الشهادات المزورة التي قد تكون هذه الكوارث إحدى أسبابها من خلال عمل بعض المزورين للمهن الهندسية قبل تطبيق الاعتماد المهني على جميع المهندسين في السعودية وهذا من الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج ولذلك على الجهات الأخرى التعاون مع الهيئة للحد من ضعف جودة المخططات الهندسية وضعف كفاءة تنفيذها ووجود آلية لتدقيق المخططات الهندسية ومراجعتها والتأكد من سلامتها وجودتها، وفرض الإشراف الهندسي الإلزامي للرقابة على المشاريع، كما أن المقاولين بحاجة لتوظيف كادر هندسي وفني مؤهل لكل المشاريع، هذا إضافة لدور الهيئة في التوعية للمواطنين ومنها برنامج بيتك عامر». وحول الجانب القانوني في مثل هذه الحالات أفاد العبداللطيف بأن الهيئة لديها مركز للتحكيم الهندسي وتعمل على حل عديد من القضايا الهندسية المماثلة في حالة تم إحالة هذا الملف إليها، حيث إنها تقوم بتكليف الخبراء المعتمدين لديها بالوقوف على حالة المشروع ودراسة الوضع فنيا ومن ثم تقديم تقرير كامل عن المسببات ونسبة الخطأ والخسائر الناتجة عن هذه الأخطاء مثلما تم في انهيار سقف في جامعة القصيم ومساهمة الهيئة في التحقيقات عبر خبرائها.