.. مع بداية الطفرة التي عاشتها البلاد وإنشاء صندوق التنمية العقاري والتي كان خلالها المواطن يتقدم بطلبه إلى البنك، وفي خلال عشرة أيام يتم صرف الدفعة الأولى له للبدء في بناء بيته وفي ذات الوقت الذي كان يجهل فيه سكان القرى والهجر أبسط الأمور والقواعد لبناء المساكن من حيث الطريقة الهندسية والتصميم، ويعود ذلك لعدم توفر تجربة سابقة وعدم وجود الرقيب الهندسي المتخصص، بالاضافة للمقاول الذي تعلم البناء ولأول مرة في هذه القرى والهجر والفاقد للاسلوب الهندسي الذي يراعى فيه نوعية التربة وكميات الحديد والاسمنت، وفوق ذلك كان المواطن يريد توفير جزء من المبلغ لكي يتمكن من شراء سيارة بعد بناء البيت، وكان مبلغ القرض في تلك الفترة 260ألف ريال وهذا المبلغ في وقته كان كافياً لبناء فيلا وعلى مستوى راق من التشطيب لأن أسعار مواد البناء كانت رخيصة وكان سعر طن الحديد لا يتعدى 1000ريال. .. وكل هذه الأسباب خلفت وراءها المئات من المنازل التي لم تعد صالحة للسكن وأصبحت آيلة للسقوط وملجأ للعمالة السائبة وغيرها. وقد وقع المقترض بين تسديد أقساط صندوق التنمية وبين المنزل الذي لم يستفد منه شيئاً، سواء كسكن أو استثماره بتأجيره للغير. هذه البيوت التي تقع في أحياء ومخططات سكنية أصبحت تشوه المنظر العام للشوارع، فما هو المطلوب من البلديات ومن المقترض وما موقف صندوق التنمية العقاري من هذه المساكن والتي شكلت هدراً للمال واشغالاً للمواقع وتشويهاً للمنظر العام وخطورة بعض البيوت التي ما زال يسكنها أصحابها نظراً لعدم توفر المادة لديهم ليقوموا بالايجار بعيداً عنه. "الرياض" قامت بجولة حول هذا الموضوع لتستطلع حديث المواطن والمقاول والبلدية. تركت منزلي بداية تحدث المواطن ابراهيم الدوسري، وقال ان البناء الشعبي غير مجد وفترة بقائه قصيرة، ويتأثر بالأمطار والعوامل الجوية ومرور الزمن ولم نجد وقتها من يرشدنا أو يجبرنا على البناء بالطريقة الصحيحة وهي التسليح، فأنا الآن رغم "قرض صندوق التنمية إلا انني أسكن في بيت بالايجار، وتركت منزلي بعد عامين فقط من بنائه بسبب ما حدث فيه من تصدعات وتشققات خطيرة، بحيث لا يمكن السكن فيه ويشكل خطورة على من بداخله، ويعود ذلك إلى عدم معرفة المقاول بأساليب البناء الحديثة التي كانت سائدة وقتها ونوعية التربة والبناء الشعبي وغياب دور البلدية في ذلك من الناحية الهندسية. مسؤولية من؟ ويضيف المواطن ماجد بن نايف الشريف انني في تلك الفترة لم أكن أعرف طرق البناء والجيد منها ومعظم سكان القرى والمحافظات الصغيرة كانوا لا يعرفون عن البناء أي شيء، ورغم أن المنازل تشيد حالياً بالطرق الحديثة والمسلمة إلا انه يوجد أيضاً تلاعب من قبل المقاولين واستغلالهم لجهل المواطن بأساليب البناء الصحيحة، ويحدث في هذه المباني تشققات وتصدعات بعد فترة قصيرة من بنائها، ولكن طبعاً ليست بدرجة المساكن التي بنيت بالطرق الشعبية، حيث الأولى يمكن علاجها، لذا نلقي بالمسؤولية على البلدية وعلى مهندس صندوق التنمية العقاري، حيث كانوا يلاحظون ما يحدث من هدر مالي دون رفع تقارير أو وضع حلول جوهرية للحيلولة دون حدوث هذا الهدر المالي والتشويه المتعمد للشوارع وخطورتها على سكانها وعلى المارة. نريد حلاً.. ويقول المواطن علي السبيعي لقد افترضت من صندوق التنمية العقاري قبل ما يقارب ال 25عاماً وقمت ببناء منزل على الطريقة الشعبية وهذا ما كنا نعرفه نحن العامة من الناس، وقام ببنائه مقاول بالاسم وليس بالخبرة، وعمالة عادية لا تتقن فن البناء، ولكن هذا هو المتوفر في ذلك الوقت وكانت نتيجة ذلك أن تصدع المبنى وسقطت أجزاء منه وأصبح غير صالحاً للسكن ومشوهاً للمنظر العام، وذلك بعد مدة قصيرة من بنائه لم تتعد 10سنوات. فمنزلي الآن آيل للسقوط وصندوق التنمية يطالبني بسداد باقي المبلغ، ولذلك فأنا أطالب بتشكيل لجنة من الصندوق لمعاينة هذه المباني والتي لا تصلح معها عملية الترميم لوضع حل لها بحيث لا يتضرر المواطن من سداد مستحقات البنك دون أن يستفيد منها ونحن مستعدون للتنازل عن منازلنا بما فيها الأرض المقام عليها المنزل للبنك وذلك مقابل أن يتنازل البنك عن الأقساط ونحن الآن في وضع محرج ونريد حلاً عاجلاً. ويروي المواطن حمود السبيعي قصة غريبة عن بناء منزله والذي اقترض من البنك ليشيده، ويقول بعد انتهاء المقاول من البناء وبدأنا في الاستعداد للانتقال إليه مع الأسرة وأثناء تفقدي له فوجئت بسقوط سقف غرفة بكاملها وتصدع جدرانها مما أثر على باقي الغرف المجاورة ولم أعرف السبب في وقتها، وعرفت فيما بعد أن المقاول تلاعب في الأساس وقام بوضع أحجار واسمنت فقط وقام بعملية البناء عليها. البلدية: لدينا طلبات كثيرة بالإزالة ويشير رئيس بلدية محافظة الخرمة الأستاذ راجح بن عبدالله البقمي انه يوجد في مركز المحافظة والقرى التابعة العديد من المنازل الشعبية التي قام بها صندوق التنمية العقاري باقراض أصحابها وهي من البيوت التي بنيت قبل سنوات على الطريقة الشعبية. وقال لقد تقدم أصحاب هذه المنازل للبلدية بطلب إزالتها، ولكننا نرجع للبنك لأنها "مرهونة" له حتى يتم الانتهاء من سداد كامل القرض، ولدينا العديد من هذه الخطابات واقترح أن يتم تشكيل لجنة من البلدية والمحافظة وصندوق التنمية العقاري والدفاع المدني للوقوف على هذه البيوت ميدانياً وتقرير مدى إزالتها أو بقائها لأنها أصبحت تشكل خطراً وتشويهاً للمنظر العام للمحافظة، ورغم ذلك فإن البلدية تصدر تصاريح لترميمها في حالة وجود منزل يقبل الترميم ولكن معظمها لا يقبل الترميم. ويرى المواطن عبدالله بن هريسان السبيعي أحد المقاولين في هذه الفترة ان الطفرة التي حدثت وزيادة عدد القروض الممنوحة أوجدت عدداً من المقاولين الذين ليس لهم أدنى معرفة بأساسيات البناء والتصميم، وقاموا بتنفيذ وبناء هذه البيوت عشوائياً وكان المواطن يلجأ إليهم نظراً لرخص الأسعار التي كانوا يقبلون بها، مما أدى إلى وقوع هذه الكارثة التي يعاني منها الجميع الآن، ويرجع المشاكل التي حدثت في هذه المباني إلى سوء التنفيذ وعدم الخبرة والغش في مواد البناء وعدم صلاحية التربة المبني عليها.