أبو سروال وفنيلة غص جوالي برسائل بطلها ( أبو سروال وفنيلة ) ويرمز بهذه الكنية إلى الرجل السعودي ، وكل هذه الرسائل لاتخلو من ازدراء واستهزاء، حتى إن ليتراءى لمن يطلع على هذه الرسائل أننا أسوأ شعب خلقه الله . وتتنوع هذه الرسائل في تناولها الموضوعي، فمنها حديث على جانب العلاقات الأخوية ، ومنها ما يتعلق وهو الأخطر بجانب العلاقة الزوجية ، حتى صُورت المرأة السعودية كأسوأ امرأة لحماقتها وجهلها، ولم يكتفوا بهذا حتى أطلقوا عليها: ( أم ركبت سوداء ) . لا أدري كيف أفسر من يسخر بنفسه ومجتمعه ليضحك، ثم تراه في موطن آخر يهب مدافعا عنه عندما يناله أحد بسوء، تذكرت قول الحطيئة الشاعر الهجاء، الذي عوّد لسانه على السخرية فلم يجد من يهجوه، فوجه سهام شعره إلى صدره وهجا نفسه قائلاً : أرى لك وجهًا قبح الله شكله فقُبح محمول وقُبح حامله قال صاحبي: لا تثربْ، فإننا نطلب الأنسَ ولا نريد حقيقة ما نقول ، فقلت له : إن هذه الحجة هي التي قالها المنافقون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما كنا نخوض ونلعب .. فلم يعذرهم . أي بهجة بمعصية ، إن الله تعالى حرم السخرية بأنواعها حتى ولو بالنفس، إن احترام الإنسان لنفسه ومعرفته لمقدراتها يجعله متأدباً في التعامل معها، وهذا هو الهدي النبوي ، تأمل في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة في الصحيحين: ( لا يقل أحدكم خبثت نفسي ، ولكن ليقل : لقسمت نفسي ) حتى لا يضيف الخبث لنفسه . ثم كيف يكون ( السروال والفضيلة ) رمزاً للسعودي وليس خاصة به؟! ثم ما الغريب والمضحك في أن يتخذ الإنسان ملابسًا يستر بها جسده ( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشا ) إذا فالسخرية من ذلك شيء من العبث لامسوغ له . إن شعباً يأنس بالانتقاص من نفسه لحري به أن تمتلك الدونيةُ نفسه، ويرى نفسه أقل بكثير مما هي عليه ، وأذكر أني كنت في مجلس فصدرت من أحدهم هفوة فقال آخر: لا تشره (لاتلوم) على أبو سروال وفنيلة.. ومن شذرات السروال اللغوية : أن سراويل مفرد وجمعها سراويلات، وماينطق بالإفراد عند الناس (سروايل) مخالف لجماهير أهل اللغة، ومنهم من ينطقها بالصاد بدل السين، وهذا خطأ آخر. إن الحديث عن هذا الموضوع لا يفهم منه تحرم المزاح واللهو جملة وتفصيلاً بل هو مباح إن جاء بقدر، ولم يكن به سخرية ولا كذب فهو مطلوب؛ حتى تستروح النفوس وتستجم ، والمزاح إن جاءك بضوابطه كان له وقع وأثر كبير . الشيخ ابن عثمين – رحمه الله – كان يتكلم في كتاب المناسك عن ما يجوز قتله في الحل والحرم، وجاء الحديث عن الحشرات المؤذية فلاطف الشيخ تلاميذه ، ثم رفع أحدهم يده قائلاً يا شيخ : إني أشكو كثرة النمل في بيتي!! فرد الشيخ من فوره : وكم نملة في بيتكم ؟! ثم أوصى الطالب بأن يأتي بمادة لها رائحة قوية حتى تطرد النمل، وذكر الشيخ موقفًا خاصة له حين كان يسكن في البيت الطيني . لو رأيت إنساناً يأكل من جيفة نتنة ألا تشمئز منه ؟ إن من يقع في أعراض الناس بالسخرية هو مثله تماماً كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم تخيل أن القيامة قامت وجاء خصومك عند الله يطلبون حقهم وليس إلا الحسنات والسيئات، ثم جاء شعب كامل يطالبك بحقه أي حسنة ستبقى لك ؟ محمد بن عامر الصويغ