حين تقرأ كتابا فتقف فجأة أمام إحدى صفحاته وقد اعتراك الوجوم والضيق بسبب صعوبة محتوى هذه الصفحة أو سطحية ما تحمله من أفكار وأسلوب، فماذا ستفعل؟. حين تقف في منتصف إحدى الصفحات وقد أصابك الملل وشعرت بأن ما في هذه الصفحة قد جانب خط سير الكتاب من ناحية القوة والتشويق، وحين ترى أن ما تتضمنه هذه الصفحة دخيل على الكتاب ولا يمت له برابط، فماذا ستفعل؟. عندما تعترضك هذه الحالات وغيرها فماذا ستفعل؟ حتما ستقلب الصفحة الحالية وتنتقل إلى الصفحة التي تليها باحثا عن أجواء أجمل وأكثر تشويقا. أؤمن بأن حياتنا كالكتاب تماما، أيامها الصفحات، وما في جوف هذه الصفحات هو ما يعترينا من مشاعر وأطوار نفسية متباينة، فصفحة على أديمها مشاعر الفرح والسرور، وأخرى تحتضن مشاعر الألم والحزن، وثالثة بين جنباتها مشاعر متناقضة تمتزج فيها المشاعر الإيجابية بالسلبية. فالأمل واليأس، والسرور والحزن، والتفاؤل والتشاؤم، وغيرها، مشاعر مختلفة تمر بها حياتنا فتسيطر مشاعر على أخرى وقد تطول أو تقصر أو تستمر هذه السيطرة، ومع هذا المزيج المتناقض في المشاعر تمر حياتنا وتمضي. كلنا يتمنى أن تمتلئ صفحات حياته بمشاعر البهجة والفرح والسعادة الدائمة، وأن تختفي وتتلاشى منها مشاعر الألم والقسوة والحزن، ولكن هيهات، فسنة الحياة وطبيعتها لها رأي آخر، فلن يعرف السعادة إلا من اكتوى بلظى الشقاء، ولن يعرف الفرح إلا من احترق بنار الحزن. ولكن هل نستطيع التغلب والسيطرة على المشاعر السلبية التي تعترض طريقنا ووأدها قبل أن تستفحل وتسيطر علينا؟ إن ذلك ممكن ولن يتأتى إلا بمحاولة تجاوز هذه المشاعر ودفنها في مهدها والبحث عن أجواء أخرى إيجابية تستنهض فينا الهمم وتضخ في عروقنا دماء جديدة نقية. فكما قمنا وبخيارنا بتجاوز صفحات الكتاب الصعبة والمملة فبمقدونا أيضا أن نستبدل صفحات حياتنا القاتمة بأخرى أكثر إشراقا وروعة. فهل جربنا أن نقلب الصفحة؟ عيد جريس